أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (١) قال : قالوا :
قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومروان بن الحكم ابن ثمان سنين ، فلم يزل مع أبيه بالمدينة حتى مات أبوه الحكم بن أبي العاص في خلافة عثمان بن عفّان ، [فلم يزل مروان مع ابن عمه عثمان بن عفان](٢) وكان كاتبا له ، وأمر له عثمان بأموال وكان يتأول في ذلك صلة قرابته ، وكان الناس ينقمون على عثمان تقريبه مروان وطاعته له ، ويرون أن كثيرا مما ينسب إلى عثمان لم يأمر به ، وأن ذلك عن رأى مروان دون عثمان ، فكان الناس قد شنفوا لعثمان لما كان يصنع بمروان ويقرّبه ، وكان مروان يحمله على أصحابه وعلى الناس ، ويبلّغه ما يتكلّمون به فيه ، ويتهددونه به ، ويريه أنه يتقرب بذلك إليه.
وكان عثمان رجلا [كريما](٣) حييّا سليما ، فكان يصدّقه في بعض ذلك ويردّ عليه بعضا ، وينازع مروان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين يديه ، فيردّه عن ذلك ويزبره.
فلمّا حصر عثمان كان مروان يقاتل دونه أشدّ قتال ، وأرادت عائشة الحجّ وعثمان محصور ، فأتاها مروان وزيد بن ثابت ، وعبد الرّحمن بن عتّاب بن أسيد بن أبي العاص ، فقالوا : يا أم المؤمنين ، لو أقمت فإنّ أمير المؤمنين على ما ترين محصور ، ومقامك ممّا يدفع الله به عنه ، فقالت : قد خلّيت ظهري وعرّيت غرائري ، ولست أقدر على المقام (٤) ، فأعادوا عليها (٥) الكلام ، وأعادت عليهم مثل ما قالت لهم ، فقام مروان وهو يقول :
حرّق (٦) قيس عليّ البلاد |
|
حتى إذا استعرّت أجذ ما |
فقالت عائشة : أيها المتمثّل عليّ بالأشعار ، وددت والله ، أنك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره في رجل كلّ واحد منكما رحى وإنكما في البحر ، وخرجت إلى مكة.
قالوا : فلمّا قتل عثمان وصار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة يطلبون بدم عثمان ، خرج معهم مروان بن الحكم فقاتل يومئذ أيضا قتالا شديدا ، فلمّا رأى انكشاف [الناس](٧) نظر إلى
__________________
(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٣٦ وما بعدها.
(٢) الزيادة عن طبقات ابن سعد.
(٣) الزيادة عن طبقات ابن سعد.
(٤) أقحم بعدها بالأصل و «ز» ، وم : «فأعادوا مما يدفع الله به عنه» والمثبت يوافق عبارة ابن سعد.
(٥) بالأصل ، وم ، ود ، و «ز» : عليه ، والمثبت عن هامش «ز» ، وبعدها صح ، وفي ابن سعد أيضا : عليها.
(٦) في ابن سعد : وحرق.
(٧) سقطت من الأصل واستدركت عن «ز» ، وم ، ود ، وابن سعد.