أقمنا باليمامة بعد معن |
|
مقاما ما نريد به زيالا |
وقلنا أين نرحل بعد معن |
|
وقد ذهب النوال فلا نوالا؟ |
قد جئت تطلب نوالنا وقد ذهب النوال ، لا شيء لك عندنا ، جروا برجله ، فجرّ برجله حتى أخرج ، فلما كان من العام المقبل تلطف حتى دخل مع الشعراء ، وإنما كانت الشعراء تدخل على الخلفاء في ذلك [الحين](١) في كل عام مرة ، قال : فمثل بين يديه وأنشده قصيدته التي يقول فيها :
طرقتك زائرة فحيّ خيالها |
|
بيضاء تخلط بالحياء دلالها |
قادت فؤادك فاستقاد وقبلها |
|
قاد القلوب إلى الصبي فأمالها |
قال : فأنصت لها حتى بلغ إلى قوله :
هل تطمسون من السماء نجومها |
|
بأكفكم أو تسترون هلالها |
أو تدفعون مقاله عن ربكم |
|
جبريل بلّغها النبي ، فقالها |
شهدت من الأنفال آخر آية |
|
بتراثهم فأردتم إبطالها |
يعني بني علي وبني العباس ، قال : فرأيت المهدي وقد تزاحف من صدر مصلّاه حتى صار على البساط إعجابا بما سمع ، ثم قال له : كم هي بيتا؟ قال : مائة بيت ، فأمر له بمائة ألف درهم ، قال : فإنّها لأوّل مائة ألف أعطيها شاعر في أيام بني العباس.
قال : فلم تلبث الأيام أن أفضت الخلافة إلى هارون الرشيد ، قال : فرأيت مروان ماثلا مع الشعراء بين يدي الرشيد وقد أنشده شعرا ، فقال له : من؟ قال : شاعرك مروان بن أبي حفصة ، فقال : ألست القائل البيتين اللذين له في معن اللذين أنشدهما المهدي؟ خذوا بيده فأخرجوه ، فإنه لا شيء له عندنا ، فأخرج ، فلمّا كان بعد ذلك بيومين ، تلطّف حتى دخل ، فأنشده قصيدته التي يقول فيها :
لعمرك لا أنسى غداة المحصّب |
|
إشارة سلمى بالبنّان المخضب |
وقد صدر (٢) الحجّاج إلّا أقلهم |
|
مصادر شتى موكبا بعد موكب |
قال : فأعجبته ، فقال له : كم قصيدتك بيتا؟ قال له : ستون أو سبعون ، فأمر له بعدد أبياتها ألوفا ، فكان ذلك رسم مروان حتى مات.
__________________
(١) استدركت عن هامش الأصل ، وبعدها صح.
(٢) كذا بالأصل وبقية النسخ ، وفي تاريخ بغداد : هدر.