أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين المقرئ (١) ، أنا محمّد بن محمّد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز بن مهران ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الصلت ، نا أبو الفرج علي بن الحسين بن محمّد الأصفهاني (٢) ، أخبرني أحمد بن عبد العزيز ، نا عمر بن شبّة ، حدّثني أحمد بن معاوية قال :
سمعت مروان بن أبي حفصة يقول : لقيني الناطفي فدعاني إلى عنان ، فانطلقت معه ، فدخل إليها قبلي فقال لها : قد جئتك بأشعر الناس مروان بن أبي حفصة ، وكانت عليلة ، فقالت : إنّي عن مروان لفي شغل ، فأهوى بسوطه فضربها به ، فقال لي : ادخل ، فدخلت وهي تبكي ، فرأيت الدموع تنحدر من عينيها فقلت :
بكت عنان مسبل دمعها |
|
كالدرّ إذ يسبق من خيطه |
فقالت مسرعة :
فليت من يضربها ظالما |
|
تيبس يمناه على سوطه |
فقلت للنطاف : أعتق مروان ما يملك إن كان في الجن والإنس أشعر منها.
أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي ، نا أبو بكر الخطيب قال : قرأت على الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني ، أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم ، عن أبيه ، حدّثني ابن مهرويه ، حدّثني علي بن محمّد النوفلي قال : سمعت أبي يقول (٣) :
كان مروان بن أبي حفصة لا يأكل اللحم بخلا حتى يقرم (٤) إليه ، فإذا قدّم إليه أرسل غلامه فاشترى له رأسا فأكله ، فقيل له : نراك لا تأكل إلّا الرءوس في الصيف والشتاء ، فلم تختار ذلك؟ قال : نعم ، الرأس أعرف سعره ، فآمن خيانة الغلام ، ولا يستطيع أن يغبنني فيه ، وليس بلحم يطبخه الغلام فيقدر أن يأكل منه ، وإن مس عينا أو أذنا أو خدّا وقفت على ذلك ، وآكل منه ألوانا ، آكل عينه لونا وأذنه لونا ، وغلصمته (٥) لونا ، ودماغه لونا ، وأكفى مؤونة طبخه ، فقد اجتمعت لي فيه مرافق.
__________________
(١) تحرفت في م إلى : النفري.
(٢) رواه أبو الفرج في الأغاني ٢٣ / ٨٦ ـ ٨٧ ضمن أخبار عنان.
(٣) الخبر في الأغاني ١٩ / ٧٧.
(٤) الكلمة غير واضحة بالأصل ، تقرأ : «يقدم» وتقرأ «يقرم» والصواب ما أثبت : «يقرم» عن م ، و «ز» ، ود. يقال : قرم إلى اللحم اشتدت شهوته إليه.
(٥) الغلصمة : اللحم بين الرأس والعنق.