قال المرزباني : وأخبرني يوسف بن يحيى عن أبيه ، عن أبي غسّان عن أبي عبيدة عن جهم بن خلف قال (١) :
أتينا اليمامة ، فنزلنا على مروان بن أبي حفصة ، فأطعمنا تمرا ، وأرسل غلامه بفلس وسكرّجة (٢) يشتري به زيتا ، فلمّا جاء بالزيت قال : خنتني ، قال : من فلس كيف أخونك؟ قال : أخذت الفلس لنفسك واستوهبت زيتا.
قال الخطيب : وقرأت على الجوهري عن المرزباني ، حدّثني أحمد بن عيسى الكرخي ، أنا أبو العيناء محمّد بن القاسم اليمامي قال (٣) :
كان مروان بن أبي حفصة من أبخل الناس ، خرج يريد الخليفة المهدي ، فقالت له امرأة من أهله : ما لي عليك إن رجعت بالجائزة ، قال : إن أعطيت مائة ألف درهم أعطيتك درهما ، فأعطي ستين ألفا ، فدفع إليها أربعة دوانيق.
وكان قد اشترى يوما لحما بدرهم فدعاه صديق له ، فردّ اللحم إلى القصّاب بنقصان دانق ، وقال : أكره الإسراف ، وهجاه بعض الشعراء فقال :
وليس لمروان على العرس غيرة |
|
ولكنّ مروانا يغار على القدر |
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٤) ، أنا أبو الحسين بن المهتدي.
ثم أخبرنا أبو السعود بن المجلي ، نا أبو الحسين بن المهتدي بالله الهاشمي الخطيب.
أنا أبو الفضل محمّد بن الحسن بن الفضل بن المأمون ، أنشدنا محمّد بن القاسم الأنباري ، أنشدني أبي عن غير واحد من شيوخه لمروان بن أبي حفصة يرثي معن بن زائدة الشيباني :
مضى لسبيله معن وأبقى |
|
محامد لن تبيد ولن تنالا |
كأن الشمس يوم أصيب معن |
|
من الإظلام ملبسة جلالا |
هو الجبل الذي كانت نزار |
|
تهد (٥) من العدو به الحمالا |
وعطلت الثغور لفقد معن |
|
وقد يروى بها الأسل النهالا |
__________________
(١) الخبر في الأغاني ١٠ / ٧٨.
(٢) السكرجة : الصحفة.
(٣) الأغاني ١٠ / ٧٩.
(٤) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ١٣ / ٢٤١ ـ ٢٤٢.
(٥) بالأصل : «من العدو به تهد الحمالا» وفوق لفظتي «العدو» و «تهد» علامتا تقديم وتأخير.