معاوية بن صالح ، أنا منصور بن أبي مزاحم قال (١) :
سمعت أبا عبيد الله يقول : دخلت على أبي جعفر المنصور يوما فقال : إنّي أريد أن أسألك عن شيء ، فاحلف بالله إنك تصدقني ، قال : فرماني بأمر عظيم ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، وأدين الله بغير طاعتك وصدقك أو أستحلّ أن أكتمك شيئا علمته قال : دعني من هذا ، والله لتحلفن! قال : فأشار إلى المهدي أن أفعل ، فحلفت ، فقال : ما قولك في خلفاء بني أمية ، فقلت : وما عسيت أن أقول فيهم؟ إنه من كان منهم لله مطيعا وبكتابه عاملا ولسنّة نبيّه صلىاللهعليهوسلم متّبعا فإنه إمام يجب طاعته ومناصحته ، ومن منهم على غير ذلك فلا ، فقال : جئت بها والذي نفسي بيده عراقية ، هكذا أدركت أشياخك من أهل الشام يقولون ، قلت : لا أدركتهم يقولون : إن الخليفة إذا استخلف غفر الله له ما مضى من ذنوبه ، فقال لي المنصور : أي والله ، وما تأخر (٢) من ذنوبه ، أتدري ما الخليفة؟ سبيله ما يقام به [من](٣) الصلاة ، ويحج به البيت ، ويجاهد به العدو ، قال : فعدّد من مناقب الخليفة ما لم أسمع أحدا ذكر مثله ، ثم قال : والله لو عرفت من حقّ الخلافة في دهر بني أمية ما أعرف اليوم لرأيت من الحق أن آتي الرجل منهم حتى أضع يدي في يده ثم أقول : مرني بما شئت.
فقال له المهدي : فكان الوليد منهم؟ فقال : قبّح الله الوليد (٤) ، ومن أقعد الوليد خليفة ، قال : فكان مروان منهم؟ فقال أبو جعفر : مروان ، لله در مروان ، ما كان أحزمه وأمرسه وأعفّه عن الفيء ، قال : فلم لمتموه وقتلتموه؟ قال : للأمر الذي سبق في علم الله (٥).
__________________
(١) الخبر رواه الذهبي من طريقه في تاريخ الإسلام (ترجمته) ص ٥٣٥ وسير أعلام النبلاء ٦ / ٧٦.
(٢) كذا.
(٣) استدركت على هامش الأصل ، بعدها صح.
(٤) من هنا إلى قوله : در مروان ، استدرك على هامش «ز».
(٥) بعدها كتب في «ز» :
بلغت سماعا بقراءتي آخر الجزء الستين بعد الستمائة من الفرع وهو آخر المجلدة السادسة والستين من الفرع بحرت بحول الله وحسن عونه وتوفيقه وإرادته بمسجد فلوس خارج باب الجابية من مدينة دمشق حرسها الله يوم الجمعة الرابع والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة ست شعرة وستمائة.
سمع الجزء السابع والخمسين بعد الأربعمائة من الأصل على الإمام الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي ابنه أبو الفتح الحسن وبنو أخيه أبو المظفر عبد الله وأبو منصور عبد الرّحمن وأبو المحاسن نصر الله بنو أبي عبد الله محمّد بن الحسن بقراءة القاضي بهاء الدين أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى وعبد الرّحمن بن أبي منصور بن نسيم بن الحسين بن علي الشافعي ومن خطه نقلت وآخرون درجوا وذلك في السابع والعشرين من جمادى سنة أربع وستين وخمسمائة بجامع دمشق حرسها الله.