أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً)(١) ، أكان ذلك حاجزا بعضكم عن بعض؟ قالوا : نعم ، قال : فو الله لقد فتح الله لها بابا من السماء ، ولقد نزل بها ملك كريم على لسان نبيكم صلىاللهعليهوسلم ، وإنها لمحكمة في المصاحف ، ما نسخها شيء (٢).
أنبأنا أبو طالب بن يوسف ، وأبو نصر بن البنّا ، قالا : أنا الجوهري ـ قراءة ـ عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا عبد الله ابن إدريس قال : سمعت مطرّفا يذكر عن عامر قال : قال لي مسروق :
أرأيت لو أن صفّين من المؤمنين اصطفا للقتال ، ففرج (٤) من السماء ملك ، فنادى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) أتراهم كانوا ينتهون؟ قال : قلت : نعم ، إلّا أن يكونوا حجارة صمّا (٥) ، قال : فقد نزل به صفيّه من أهل السماء على صفيّه من أهل الأرض فلم ينتهوا ، ولأن يؤمنوا به غيبا خير من أن يؤمنوا به معاينة
قال : وأنا ابن سعد (٦) ، أنا عارم بن الفضل ، نا حمّاد بن زيد ، عن عاصم قال :
ذكر أن مسروق بن الأجدع أتى صفّين ، فوقف بين الصفّين ، ثم قال : يا أيها الناس أنصتوا ، ثم قال : أرأيتم لو أن مناديا ناداكم من السماء فسمعتم كلامه ورأيتموه ، فقال : إن الله نهاكم عن ما أنتم فيه ، أكنتم مطيعيه؟ قالوا : نعم ، قال : فو الله لقد نزل بذلك جبريل على محمّد صلىاللهعليهوسلم ، فما زال يأتي من هذا ، ثم تلا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) ثم انساب في الناس ، فذهب (٧).
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٢٩.
(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٦ / ٧٨.
(٣) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٦ / ٧٧ ـ ٧٨.
(٤) في «ز» : فعرج ، وفوقها ضبة.
(٥) تقرأ بالأصل : ضبا ، والمثبت عن م ، و «ز» ، ود ، وابن سعد.
(٦) طبقات ابن سعد ٦ / ٧٨.
(٧) كتب بعدها في د ، و «ز» :
آخر الجزء الثاني والستين بعد الستمائة من الفرع.