وجود الحكم في زمان الشكّ وأن يراد عدم وجوده ، فكذلك الدليل في الصورة التي فرضناها ، وحينئذ فنقول : لو لم يمتثل المكلّف (١) لم يحصل الظنّ بالامتثال ... إلى آخر ما ذكره (٢) ، انتهى.
المناقشة في الإيراد |
أقول : وهذا الإيراد ساقط عن المحقّق ؛ لعدم جريان قاعدة الاشتغال في غير الصورة التي فرضها المحقّق ، مثلا : إذا ثبت وجوب الصوم في الجملة ، وشككنا في أنّ غايته سقوط القرص أو ميل الحمرة المشرقيّة ، فاللازم حينئذ ـ على ما صرّح به المحقّق المذكور في عدّة مواضع من كلماته ـ الرجوع في نفي الزائد ، وهو وجوب الإمساك بعد سقوط القرص ، إلى أصالة البراءة ؛ لعدم ثبوت التكليف بإمساك أزيد من المقدار المعلوم ، فيرجع إلى مسألة الشكّ في الجزئيّة ، فلا يمكن أن يقال : إنّه لو لم يمتثل التكليف لم يحصل الظنّ بالامتثال ؛ لأنّه إن اريد امتثال التكليف المعلوم فقد حصل قطعا ، وإن اريد امتثال التكليف المحتمل فتحصيله غير لازم.
وهذا بخلاف فرض المحقّق ؛ فإنّ التكليف بالإمساك ـ إلى السقوط على القول به أو ميل الحمرة على القول الآخر ـ معلوم مبيّن ، وإنّما الشكّ في الإتيان به عند الشكّ في حدوث الغاية. فالفرق بين مورد استصحابه ومورد استصحاب القوم ، كالفرق بين الشكّ في إتيان الجزء المعلوم الجزئيّة والشكّ في جزئيّة شيء ، وقد تقرّر في محلّه جريان أصالة الاحتياط في الأوّل دون الثاني (٣).
__________________
(١) في المصدر بدل «المكلّف» : «التكليف المذكور».
(٢) شرح الوافية (مخطوط) : ٣٣٧.
(٣) راجع مبحث الاشتغال ٢ : ٣١٧.