ليس من غير دليل ، بل الدليل ما ذكرنا من الوجوه الثلاثة ، مضافا إلى إمكان التمسّك بما ذكرنا في توجيه كلام المحقّق ; في المعارج ، لكن عرفت ما فيه من التأمّل (١).
ثمّ إنّه أجاب في المعارج عن الدليل المذكور : بأنّ قوله : «عمل بغير دليل» غير مسلّم ؛ لأنّ الدليل دلّ على أنّ الثابت لا يرتفع إلاّ برافع ، فإذا كان التقدير تقدير عدمه كان بقاء الثابت راجحا في نظر المجتهد ، والعمل بالراجح لازم (٢) ، انتهى.
وكأنّ مراده بتقدير عدم الرافع عدم العلم به ، وقد عرفت ما في دعوى حصول الظنّ بالبقاء بمجرّد ذلك ، إلاّ أن يرجع إلى عدم الدليل بعد الفحص الموجب للظنّ بالعدم.
٢ ـ لزوم القطع بالبقاء بناء على حجّية الاستصحاب |
ومنها : أنّه لو كان الاستصحاب حجّة لوجب فيمن علم زيدا في الدار ولم يعلم بخروجه منها أن يقطع ببقائه فيها ، وكذا كان يلزم إذا علم بأنّه حيّ ثمّ انقضت مدّة لم يعلم فيها بموته أن يقطع ببقائه ، وهو باطل.
وقال في محكيّ الذريعة : قد ثبت في العقول أنّ من شاهد زيدا في الدار ثمّ غاب عنه لم يحسن اعتقاد استمرار كونه في الدار إلاّ بدليل متجدّد ، ولا يجوز استصحاب الحال الاولى (٣) وقد صار كونه في الدار في الزمان الثاني وقد زالت الرؤية ، بمنزلة كون عمرو فيها مع فقد الرؤية (٤).
__________________
(١) راجع الصفحة ٨٦.
(٢) المعارج : ٢٠٩.
(٣) في المصدر : «الحال الأوّل».
(٤) الذريعة ٢ : ٨٣٢.