أوّلا : ما تقدّم (١) ، من عدم توقّف جريان الاستصحاب على إحراز استعداد المستصحب.
وثانيا : أنّ ما ذكره ـ من أنّ الإطلاق غير ثابت ، لأنّه في معنى القيد ـ غير صحيح ؛ لأنّ عدم التقييد مطابق للأصل. نعم ، المخالف للأصل الإطلاق بمعنى العموم الراجع إلى الدوام.
والحاصل : أنّ هنا في الواقع ونفس الأمر نبوّة مستدامة إلى آخر الأبد ، ونبوّة مغيّاة إلى وقت خاصّ ، ولا ثالث لهما في الواقع ، فالنبوّة المطلقة ـ بمعنى غير المقيّدة ـ ومطلق النبوّة سيّان في التردّد بين الاستمرار والتوقيت ، فلا وجه لإجراء الاستصحاب على أحدهما دون الآخر. إلاّ أن يريد ـ بقرينة ما ذكره بعد ذلك ، من أنّ المراد من مطلقات كلّ شريعة بحكم الاستقراء الدوام والاستمرار إلى أن يثبت الرافع ـ أنّ المطلق في حكم الاستمرار ، فالشكّ فيه شكّ في الرافع ، بخلاف مطلق النبوّة ؛ فإنّ استعداده غير محرز عند الشكّ ، فهو من قبيل الحيوان المردّد بين مختلفي الاستعداد.
وثالثا : أنّ ما ذكره منقوض بالاستصحاب في الأحكام الشرعيّة ؛ لجريان ما ذكره في كثير منها ، بل في أكثرها.
وقد تفطّن لورود هذا عليه ، ودفعه بما لا يندفع به ، فقال :
كلام آخر للمحقق القمي |
إنّ التتبّع والاستقراء يحكمان بأنّ غالب الأحكام الشرعيّة ـ في غير ما ثبت في الشرع له حدّ ـ ليست بآنيّة ، ولا محدودة إلى حدّ معيّن ، وأنّ الشارع اكتفى فيها فيما ورد عنه مطلقا في استمراره ، ويظهر
__________________
(١) راجع الصفحة ١٩٤.