غيره من الاصول (١). نعم ، لو فرض الاستناد في أصالة الحلّية إلى عموم «حلّ الطيّبات» و «حلّ الانتفاع بما في الأرض» ، كان استصحاب حرمة العصير في (٢) المثالين الأخيرين مثالا لمطلبه ، دون المثال الأوّل ؛ لأنّه من قبيل الشكّ في موضوع الحكم الشرعيّ ، لا في نفسه. ففي الأوّل يستصحب عنوان الخاصّ ، وفي الثاني يستصحب حكمه ، وهو الذي يتوهّم كونه مخصّصا للعموم دون الأوّل.
توجيه كلام بحر العلوم |
ويمكن توجيه كلامه قدسسره : بأنّ مراده من العمومات ـ بقرينة تخصيصه الكلام بالاستصحاب المخالف ـ هي عمومات الاصول ، ومراده بالتخصيص للعمومات (٣) ما يعمّ الحكومة ـ كما ذكرنا في أوّل أصالة البراءة (٤) ـ وغرضه : أنّ مؤدّى الاستصحاب في كلّ مستصحب إجراء حكم دليل المستصحب في صورة الشكّ ، فلمّا كان (٥) دليل المستصحب أخصّ من الاصول سمّي تقدّمه عليها تخصيصا ، فالاستصحاب في ذلك متمّم لحكم ذلك الدليل ومجريه في الزمان اللاحق. وكذلك الاستصحاب بالنسبة إلى العمومات الاجتهاديّة ؛ فإنّه إذا خرج المستصحب من العموم بدليله ـ والمفروض أنّ الاستصحاب مجر لحكم ذلك الدليل في اللاحق ـ فكأنّه أيضا مخصّص ، يعني موجب للخروج عن حكم العامّ ، فافهم.
__________________
(١) انظر الصفحة ٣٨٧.
(٢) في (ت) كتب على «كان استصحاب حرمة العصير في» : «نسخة» ، وفي (ه) كتب عليها : «زائد» ، وورد بدلها فيهما : «أمكن جعل».
(٣) لم ترد «للعمومات» في (ظ).
(٤) راجع مبحث البراءة ٢ : ١١ ـ ١٣.
(٥) كذا في (ف) ، وفي غيرها بدل «فلمّا كان» : «فكما أنّ».