٤ ـ لو ترتّب أثرً على أحدهما دون الآخر |
وأمّا الصورة الرابعة ، وهي ما يعمل فيه بأحد الاستصحابين. فهو ما كان أحد المستصحبين المعلوم ارتفاع أحدهما ممّا يكون موردا لابتلاء المكلّف دون الآخر ، بحيث لا يتوجّه على المكلّف تكليف منجّز يترتّب أثر شرعيّ عليه. وفي الحقيقة هذا خارج عن تعارض الاستصحابين ؛ إذ قوله : «لا تنقض اليقين» لا يشمل اليقين الذي لا يترتّب عليه في حقّ المكلّف أثر شرعيّ بحيث لا تعلّق له به أصلا ، كما إذا علم إجمالا بطروء الجنابة عليه أو على غيره ، وقد تقدّم أمثلة ذلك (١).
ونظير هذا كثير ، مثل : أنّه علم إجمالا بحصول التوكيل من الموكّل ، إلاّ أنّ الوكيل يدّعي وكالته في شيء ، والموكّل ينكر توكيله في ذلك الشيء ، فإنّه لا خلاف في تقديم قول الموكّل ؛ لأصالة عدم توكيله فيما يدّعيه الوكيل ، ولم يعارضه أحد بأنّ الأصل عدم توكيله فيما يدّعيه الموكّل أيضا.
وكذا لو تداعيا في كون النكاح دائما أو منقطعا ، فإنّ الأصل عدم النكاح الدائم من حيث إنّه سبب للإرث ووجوب النفقة والقسم. ويتّضح ذلك بتتبّع كثير من فروع التنازع في أبواب الفقه.
ولك أن تقول بتساقط الأصلين في هذه المقامات والرجوع إلى الاصول الأخر الجارية في لوازم المشتبهين ، إلاّ أنّ ذلك إنّما يتمشّى في استصحاب الامور الخارجيّة ، أمّا مثل أصالة الطهارة في كلّ من واجدي المنيّ فإنّه لا وجه للتساقط هنا.
__________________
(١) راجع مبحث الاشتغال ٢ : ٢٣٣ ـ ٢٣٥.