ومعرفته تفصيلا ؛ لأنّ القضايا العقليّة إمّا ضروريّة لا يحتاج العقل في حكمه إلى أزيد من تصوّر الموضوع بجميع ما له دخل في موضوعيّته من قيوده ، وإمّا نظريّة تنتهي إلى ضروريّة كذلك ، فلا يعقل إجمال الموضوع في حكم العقل ، مع أنّك ستعرف في مسألة اشتراط بقاء الموضوع (١) ، أنّ الشكّ في الموضوع ـ خصوصا لأجل مدخليّة شيء ـ مانع عن إجراء الاستصحاب.
فإن قلت : فكيف يستصحب الحكم الشرعيّ مع أنّه كاشف عن حكم عقليّ مستقلّ؟ فإنّه إذا ثبت حكم العقل بردّ الوديعة ، وحكم الشارع طبقه بوجوب الردّ ، ثمّ عرض ما يوجب الشكّ ـ مثل الاضطرار والخوف ـ فيستصحب الحكم (٢) مع أنّه كان تابعا للحكم العقليّ.
عدم جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي المستند إلى الحكم العقلي أيضا |
قلت : أمّا الحكم الشرعيّ المستند إلى الحكم العقليّ ، فحاله حال الحكم العقليّ في عدم جريان الاستصحاب. نعم ، لو ورد في مورد حكم العقل حكم شرعيّ من غير جهة العقل ، وحصل التغيّر في حال من أحوال موضوعه ممّا يحتمل مدخليّته وجودا أو عدما في الحكم ، جرى الاستصحاب وحكم بأنّ موضوعه أعمّ من موضوع حكم العقل ؛ ومن هنا يجري استصحاب عدم التكليف في حال يستقلّ العقل بقبح التكليف فيه ، لكنّ (٣) العدم الأزليّ ليس مستندا إلى القبح وإن كان موردا للقبح.
هذا حال نفس الحكم العقلي.
__________________
(١) انظر الصفحة ٢٨٩ ـ ٢٩١.
(٢) في مصحّحة (ص) زيادة : «الشرعي».
(٣) كذا في النسخ ، والمناسب بدل «لكنّ» : «لأنّ».