قال الجمهور : ببيض النعام المكنون في عشه ، وهو الأدحية ولونها بياض به صفرة حسنة ، وبها تشبه النساء فقال :
مضيئات الخدود
ومنه قول امرئ القيس :
وبيضة خدر لا يرام خباؤها |
|
تمتعت من لهو بها غير معجل |
كبكر مغاناة البياض بصفرة |
|
غذاها نمير الماء غير المحلل |
وقال السدي ، وابن جبير : شبه ألوانهن بلون قشر البيضة الداخل ، وهو غرقىء البيضة ، وهو المكنون في كن ، ورجحه الطبري وقال : وأما خارج قشر البيضة فليس بمكنون. وعن ابن عباس ، البيض المكنون : الجوهر المصون ، واللفظ ينبو عن هذا القول. وقالت فرقة : هو تشبيه عام جملة المرأة بجملة البيضة ، أراد بذلك تناسب أجزاء المرأة ، وأن كل جزء منها نسبته في الجودة إلى نوعه نسبة الآخر من أجزائها إلى نوعه ؛ فنسبة شعرها إلى عينها مستوية ، إذ هما غاية في نوعها ، والبيضة أشد الأشياء تناسب أجزاء ، لأنها من حيث حسنها في النظر واحد ، كما قال بعض الأدباء يتغزل :
تناسب الأعضاء فيه فلا ترى |
|
بهن اختلافا بل أتين على قدر |
وتساؤلهم في الجنة سؤال راحة وتنعم ، يتذاكرون نعيمهم وحال الدنيا والإيمان وثمرته. و (فَأَقْبَلَ) : معطوف على (يُطافُ عَلَيْهِمْ) ، والمعنى : يشربون فيتحدثون على الشراب ، كعادة الشراب في الدنيا. قال الشاعر :
وما بقيت من اللذات إلا |
|
أحاديث الكرام على المدام |
وجيء به ماضيا لصدق الإخبار به ، فكأنه قد وقع. ثم حكى تعالى عن بعضهم ما حكى ، يتذكر بذلك نعمه تعالى عليه ، حيث هداه إلى الإيمان واعتقاد وقوع البعث والثواب والعقاب ، وهو مثال للتحفظ من قرناء السوء والبعد منهم. قال ابن عباس وغيره : كان هذا القائل وقرينه من البشر. وقالت فرقة : هما اللذان في قوله : (لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) (١). وقال مجاهد : كان إنسيا وجنيا من الشياطين الكفرة. وقرأ الجمهور : (لَمِنَ
__________________
(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٨.