النحاس ، أو عكر القطران ، أو الصديد ؛ أولها لابن عمرو ابن عباس ، وآخرها لابن عباس. وقال الحسن : كالمهل ، بفتح الميم : لغة فيه. وعن ابن مسعود ، وابن عباس أيضا : المهل : ما أذيب من ذهب ، أو فضة ، أو حديد ، أو رصاص. وقرأ مجاهد ، وقتادة ، والحسن ، والابنان ، وحفص : يغلي ، بالياء ، أي الطعام. وعمرو بن ميمون ، وأبو رزين ، والأعرج ، وأبو جعفر ، وشيبة ، وابن محيصن ، وطلحة ، والحسن : في رواية ، وباقي السبعة : تغلي بالتاء ، أي الشجرة. (كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) : وهو الماء المسخن الذي يتطاير من غليانه. (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ) ، يقال للزبانية : خذوه فاعتلوه ، أي سوقوه بعنف وجذب. وقال الأعمش : معنى اعتلوه : اقصفوه كما يقصف الحطب إلى سواء الجحيم. قال ابن عباس : وسطها. وقال الحسن : معظمها. وقرأ الجمهور : فاعتلوه ، بكسر التاء ، وزيد بن علي ، والابنان ، ونافع : بضمها ؛ والخلاف عن الحسن ، وقتادة ، والأعرج ، وأبي عمرو.
(ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) : وفي الحج يصيب من فوق رؤوسهم الحميم ، والمصبوب في الحقيقة هو الحميم ، فتارة اعتبرت الحقيقة ، وتارة اعتبرت الاستعارة ، لأنه أذم من الحميم ، فقد صب ما تولد عنه من الآلام والعذاب ، فعبر بالمسبب عن السبب ، لأن العذاب هو المسبب عن الحميم ، ولفظة العذاب أهول وأهيب. (ذُقْ) : أي العذاب ، (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) ، وهذا على سبيل التهكم والهزء لمن كان يتعزز ويتكرم على قومه. وعن قتادة ، أنه لما نزلت : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) ، قال أبو جهل : أتهددني يا محمد؟ وإن ما بين لابتيها أعز مني ولا أكرم ، فنزلت هذه الآية ، وفي آخرها : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) ، أي على قولك ، وهذا كما قال جرير :
ألم تكن في رسوم قد رسمت بها |
|
من كان موعظة يا زهرة اليمن |
يقولها لشاعر سمى نفسه به في قوله :
أبلغ كليبا وأبلغ عنك شاعرها |
|
إني الأعز وإني زهرة اليمن |
فجاء به جرير على جهة الهزء. وقرىء : إنك ، بكسر الهمزة. وقرأ الحسن بن علي بن أبي طالب على المنبر ، والكسائي بفتحها. (إِنَّ هذا) : أي الأمر ، أو العذاب ، (ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) : أي تشكون. ولما ذكر حال الكفار أعقبه بحال المؤمنين فقال : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ). وقرأ عبد الله بن عمر ، وزيد بن علي ، وأبو جعفر ، وشيبة ، والأعرج ، والحسن ، وقتادة ، ونافع ، وابن عامر : في مقام ، بضم الميم ؛ وأبو رجاء ،