سبب ما دخل فيهم من اختلاف الكلمة وافتتان الناس ، وهذا على نحو تطير قريش بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وعلى نحو ما خوطب به موسى عليهالسلام. وقال الزمخشري : وذلك أنهم كرهوا دينهم ونفرت منه نفوسهم ، وعادة الجهال أن يتمنوا بكل شيء مالوا إليه واشتهوه وقبلته طباعهم ، وتشاءموا بما نفروا عنه وكرهوه ، فإن أصابتهم نعمة أو بلاء قالوا : ببركة هذا وبشؤم هذا ، كما حكى الله عن القبط : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) (١) ؛ وعن مشركي مكة : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) (٢). انتهى. وعن قتادة : إن أصابنا شيء كان من أجلكم. (لَنَرْجُمَنَّكُمْ) بالحجارة ، قاله قتادة. (عَذابٌ أَلِيمٌ) : هو الحريق.
(قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) : أي حظكم وما صار لكم من خير أو شر معكم ، أي من أفعالكم ، ليس هو من أجلنا بل بكفركم. وقرأ الحسن ، وابن هرمز ، وعمرو بن عبيد ، وزر بن حبيش : طيركم بياء ساكنة بعد الطاء. وقرأ الحسن فيما نقل : أطيركم مصدر أطير الذي أصله تطير ، فأدغمت التاء في الطاء ، فاجتلبت همزة الوصل في الماضي والمصدر. وقرأ الجمهور : طائركم على وزن فاعل. وقرأ الجمهور : (أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) بهمزتين ، الأولى همزة الاستفهام ، والثانية همزة إن الشرطية ، فخففها الكوفيون وابن عامر ، وسهلها باقي السبعة. وقرأ زر : بهمزتين مفتوحتين ، وهي قراءة أبي جعفر وطلحة ، إلا أنها البناء الثانية بين بين.
وقال الشاعر في تحقيقها :
أإن كنت داود بن أحوى مرحلا |
|
فلست بداع لابن عمك محرما |
والماجشوني ، وهو أبو سلمة يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة المدني : بهمزة واحدة مفتوحة ؛ والحسن : بهاء مكسورة ؛ وأبو عمرو في رواية ، وزر أيضا : بمدة قبل الهمزة المفتوحة ، استثقل اجتماعهما ففضل بينهما بألف. وقرأ أبو جعفر أيضا ، والحسن أيضا ، وقتادة ، وعيسى الهمداني ، والأعمش : أين بهمزة مفتوحة وياء ساكنة ، وفتح النون ظرف مكان. وروي هذا عن عيسى الثقفي أيضا. فالقراءة الأولى على معنى : إن ذكرتم تتطيرون ، بجعل المحذوف مصب الاستفهام ، على مذهب سيبويه ، وبجعله للشرط ، على مذهب يونس ؛ فإن قدرته مضارعا كان مجزوما. والقراءة الثانية على معنى : ألان ذكرتم تطيرتم ، فإن مفعول من أجله ، وكذلك الهمزة الواحدة المفتوحة والتي بمدة قبل الهمزة المفتوحة ؛ وقراءة الهمزة المكسورة وحدها ، فحرف شرط بمعنى الإخبار ، أي إن ذكرتم
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ١٣١.
(٢) سورة النساء : ٤ / ٧٨.