وجاءوا بسعيد بن المسيب فقالوا : بايع ، فقال : أبايع على سيرة أبي بكر وعمر ، فأمر بضرب عنقه ، فشهد رجل أنه مجنون ، فخلى عنه.
عدد القتلى في وقعة الحرة
وعن المدائني أيضا عن شيخ من أهل المدينة قال : سألت الزهري : كم كانت القتلى يوم الحرة؟ قال : سبعمائة من وجوه الناس قريش والأنصار والمهاجرين ، ومن وجوه الموالي وممن لا يعرف من عبد وحر وامرأة عشرة آلاف ، وكانت الوقعة لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين.
وفي كتاب الحرة للواقدي قال : حدثني عبد الله بن جعفر قال : سألت الزهري : كم قتل من الناس يومئذ؟ قال : أما من وجوه الناس فأكثر من سبعمائة من قريش والأنصار ووجوه الموالي ، ثم عدّد علي من قتل حتى ما كنت أرى أنه بقي أحد إلا قتل يومئذ ، ثم قال الزهري : ولقد قتل ممن لا يعرف من الموالي والعبيد والصبيان والنساء أكثر من عشرة آلاف ، ودخلوها لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين.
قلت : وقال القرطبي لليلتين بقيتا من ذي الحجة ، وعن الأقشهري عن أبي معشر والواقدي أنها يوم الأربع لليلتين خلتا من ذي الحجة ، قلت : ولم أره في كتاب الواقدي ، ولعله سبق قلم ، والله أعلم.
وذكر المجد أنهم سبوا الذرية ، واستباحوا الفروج ، وأنه كان يقال لأولئك الأولاد من النساء اللاتي حملن : أولاد الحرة ، قال : ثم أحضر الأعيان لمبايعة يزيد ، فلم يرض إلا أن يبايعوه على أنهم عبيد يزيد ، فمن تلكأ أمر بضرب عنقه ، وجاءوا بعلي بن عبد الله بن عباس ، فقال الحصين بن نمير : يا معشر اليمن عليكم ابن أختكم ، فقام معه أربعة آلاف رجل ، فقال لهم مسلم : أخلعتم أيديكم من الطاعة؟ فقالوا : أما فيه فنعم ، فبايعه على أن ابن عم يزيد ، انتهى.
وعن المدائني أيضا عن محمد بن عمر قال : قال ذكوان مولى مروان : شرب مسلم بن عقبة دواء بعد ما أنهب المدينة ، ودعا بالغداء ، فقال له الطبيب : لا تعجل فإني أخاف عليك إن أكلت قبل أن تكمل الدواء ، قال : ويحك! إنما كنت أحب البقاء حتى أشفي نفسي من قتلة عثمان ، فقد أدركت ما أردت ، فليس شيء أحب إلي من الموت على طهارتي ؛ فإني لا أشك أن الله قد طهّرني من ذنوبي بقتل هؤلاء الأرجاس.
قلت : هذا من عظيم حمقه ، قاتله الله وأشقاه! فإن هذا مما يزيد في عظيم جرمه.