عشرا ، وقال ابن عباس : خمس عشر سنة ، وفي رواية عنه : ثلاث عشرة ، ولم يعلم بخروجه إلا علي وآل أبي بكر ، وكان من قصة نسج العنكبوت وغيره من أمر الغار ما كان ، وانطلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر ، ومعهما عامر بن فهيرة يخدمهما يردفه أبو بكر ويعقبه ، والدليل ، فأخذ بهم في أسفل مكة حتى أتى بهما طريق السواحل أسفل من عسفان ، ثم عارض الطريق على أمج (١) ، ثم نزل من قديد خيام أم معبد الخزاعية من بني كعب ، وبقية المنازل إلى قباء ذكرها ابن زبالة ، وقد أوضحناه في الأصل ، واتفق في مسيرهم قصة سراقة عارضهم يوم الثلاثاء بقديد على ما ذكره ابن سعد وغيرها من القصص المشتملة على الآيات البينات.
قال رزين : وأقامت قريش أياما لا يدرون أين أخذ محمد صلىاللهعليهوسلم فسمعوا صوتا على أبي قبيس وهو يقول :
فإن يسلم السّعدان يصبح محمد |
|
من الأمن لا يخشى خلاف المخالف |
فقالت قريش : لو علمنا من السعدان ، فقال :
أيا سعد سعد الأوس كن أنت مانعا |
|
ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف |
أجيبا إلى داعي الهدى وتبوّءا |
|
من الله في الفردوس زلفة عارف |
فعلموا إذ ذاك أنه أخذ طريق المدينة.
قلت : والأقرب ما تقدم من إنشاد هذه الأبيات قبل ذلك ؛ لأن السعدين كانا قد أسلما قبل ، ثم سمعوا قائلا بأسفل مكة لا يرى يقول :
جزى الله ربّ الناس خير جزائه |
|
رفيقين قالا : خيمتي أم معبد |
قصة أم معبد
قلت : وروى هذا مع الأبيات الآتية مما سمع حينئذ ، وقيل : سمعوا هاتفا على أبي قبيس يقول :
جزى الله خيرا والجزاء بكفه |
|
رفيقين قالا خيمتي أمّ معبد |
هما رحلا بالحقّ وانتزلا به |
|
فقد فاز من أمسى رفيق محمد |
فما حملت من ناقة فوق رحلها |
|
أبرّ وأوفى ذمة من محمد |
وأكسى لبرد الخال قبل ابتذله |
|
وأعطى لرأس السانح المتجدد |
ليهن بني كعب مكان فتاتهم |
|
ومقعدها للمؤمنين بمرصد |
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد مرّ بأم معبد ، فاستسقاها لبنا ، فقالت : ما عندنا من لبن ،
__________________
(١) أمج : موضع بين المدينة ومكة.