قلت : ومن هذا يعلم أن عثمان بن مظعون أول من دفن به من المهاجرين ، جمعا بين النقلين ، ومات كلثوم بن الهدم قبل أسعد بن زرارة ؛ فهو أول من مات من الأنصار بعد مقدم النبي صلىاللهعليهوسلم وقيل : توفي أسعد بن زرارة في الثانية ، والله أعلم.
ومات البراء بن معرور قبل قدوم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأوصى أن يوجّه إلى الكعبة ، وصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم على قبره ، وكانت الأنصار يتقربون إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالهدايا رجالهم ونساؤهم ، وكانت أم سليم تتأسف على ذلك ، وما كان لها شيء ، فجاءت بابنها أنس ، وقالت : يخدمك أنس يا رسول الله؟ قال : نعم.
قلت : الذي في الصحيح عن أنس «قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ليس له خادم ، فأخذ أبو طلحة بيدي ، فانطلق بي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله إن أنسا غلام كيّس (١) فليخدمك ، قال : فخدمته ، الحديث ، وقد يجمع بأنها جاءت به أولا ، وانطلق به أبو طلحة ثانيا ؛ لأنه وليه وعصبته ، وهذا غي مجيئه به لخدمته صلىاللهعليهوسلم في غزوة خيبر كما يفهمه لفظ الحديث ، والله أعلم.
ثم زيد في صلاة الحضر ركعتين بعد مقدمه المدينة بشهر.
قلت : قال السهيلي : إن ذلك كان بعد الهجرة بعام أو نحوه ، والذي عليه الأكثر أن الصلاة نزلت بتمامها من بدء الأمر ، والله أعلم.
ووعك أصحابه فدعا بنقل وبائها إلى الجحفة ، وقال : «اللهم حبب إلينا المدينة» ثم آخى بين أصحابه كما سبق ، ثم مات الوليد بن المغيرة بمكة ، وولد عبد الله بن الزبير ، جاءت أمه أسماء بعد الهجرة فنفست به في قباء في شوال ، فكان أول مولود ولد في الإسلام بها بعد الهجرة ، وكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلىاللهعليهوسلم تفل في فيه.
قلت : سيأتي في مسجد دار سعد بن خيثمة من المساجد التي لا تعلم عينها أن الذهبي قال : إن عبد الله ولد في الثانية ، والله أعلم.
ثم عقد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لواء لابن عمه عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب على ستين من المهاجرين ليس فيهم أنصاري ، وهي أول راية عقدت في الإسلام ، ورمى فيها سعد بن أبي وقاص بسهم ، فكان أول سهم رمي به في الإسلام ، فالتقى مع أبي سفيان بن حرب ، وقيل : عكرمة بن أبي جهل ، وكان في مائة من المشركين ببطن رابغ ويعرف بودان فانحاز
__________________
(١) كيّس : فطن. والكياسة : تمكن النفوس من استنباط ما هو أنفع.