الثالثة والثمانون : حديث النسائي والبزار والحاكم واللفظ له «يوشك الناس أن يضربوا أكباد الإبل فلا يجدوا عالما أعلم من عالم المدينة» وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، وقد كان ابن عيينة يقول : نرى هذا العالم مالك بن أنس ، انتهى. قال الزركشي : وفيما حكاه عن سفيان نظر ؛ لما في صحيح ابن حبان أن إسحاق بن موسى قال : بلغني عن ابن جريح أنه كان يقول : نرى أنه مالك بن أنس ، فذكرت ذلك لسفيان بن عيينة فقال : إنما العالم من يخشى الله ، ولا نعلم أحدا كان أخشى لله من العمري ، قال التوربشتي في شرح المصابيح : يعني عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، كان من عباد الله الصالحين المشائين في بلاده وعباده بالنصيحة. بلغنا أنه كان يخرج إلى البادية ليتفقد أهلها شفقة عليهم وأداء الحق النصيحة فيهم ، وقد أخرج الترمذي الحديث وحسّنه ، وتكلم ابن حزم فيه ، ثم قال : ولم يتعين هذا في مالك ؛ لأنه كان في عصره جماعة لا يفضل على واحد منهم ، وكان بالمدينة من هو أجل منه كسعيد بن المسيب ؛ فهذا الحديث أولى به. وقال ابن عيينة : ولو سئل أيّ الناس أعلم؟ لقالوا : سفيان الثوري ، قال ابن حزم : وإن صح هذا الحديث فإنما إذا قرب قيام الساعة وأرز الإيمان إلى المدينة وغلب الدجال على الأرض خلا مكة والمدينة ، وأما حتى الآن فلم يأت صفة ذلك الحديث ؛ لأن الفقه انقطع من المدينة جملة ، واستقر في الآفاق ، انتهى. ولا يخلو عن نزاع.
الرابعة والثمانون : تحريم نقل أحجار حرمها وترابه كما سيأتي بيانه.
الخامسة والثمانون : لو نذر تطييب مسجد المدينة وكذا الأقصى ففيه تردد لإمام الحرمين ؛ لأنا إن نظرنا إلى التعظيم ألحقناهما بالكعبة ، أو إلى امتياز الكعبة بالفضل فلا ، وكلام الغزالي في آخر باب النذر يقتضي اختصاصه بالمسجدين كما فرضناه ، لا في غيرهما من المساجد ، والإمام طرده في الكل ، وحيث كان الملحظ ما ذكر فينبغي أن لا يتوقف فيما لو نذر تطييب القبر الشريف.
السادسة والثمانون : إذا نذر زيارة قبر النبي صلىاللهعليهوسلم لزمه الوفاء بذلك وجها واحدا ، وفي وجوب الوفاء في زيارة قبر غيره وجهان ، قاله ابن كجّ ، وأقره عليه الرافعي والنووي وغيرهما.
السابعة والثمانون : قيام مسجدها مقام المسجد الأقصى كالمسجد الحرام فيما لو نذر الصلاة أو الاعتكاف في الأقصى ؛ فإن الأصح لزومه به ، وأجزأ مسجد المدينة لزيادة فضله ، ولو نذرهما بمسجد المدينة لم يجزه فعل ذلك بالأقصى ويجزيه بالمسجد الحرام.
الثامنة والثمانون : الاكتفاء بزيارة قبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمن نذر إتيان مسجد المدينة ، كما قال الشيخ أبو علي تفريعا على القول بلزوم إتيانه كما قاله الشافعي والبويطي وعلى أنه لا بد من ضم قربة إلى الإتيان كما هو الأصح تفريعا على اللزوم ، وعلله الشيخ أبو علي