وليس يجد من يأخذه ، فقال له : عند من ويلك؟ قال : ابن مخلد ، وميمون بن إبراهيم ، ومحمد بن موسى المنجم ، وكان يتقلد الزرع والهندسة في الآفاق ، وأحمد بن موسى ، وكان قد تقلد أعمالا كثيرة ، وكان يتقلد في ذلك الوقت خبر سرّ من رأى. قال : فقال المتوكل : فما عندك في عبيد الله بن يحيى؟ فسكت ، فأعاد عليه القول ، وقال : بحياتي قل له ما عندك فيه.
فقال : قد أحلفتني بحياتك ، ولا بد من صدقك : قد كان على طريقة مستقيمة حتى صاغ صوالجة وكرات من ثلاثين ألف درهم ، فقلت له : أمير المؤمنين أطال الله بقاءه ، يضرب بكرة جلود وصولجان خشب ، وأنت تريد أن يكون ذلك من فضة؟.
فالتفت إلى الفتح ، فقال : يا فتح ، ابعث فأحضرهم كلهم.
فكتب الفتح بالخبر إلى عبيد الله على ما جرى ، ووجه (١) إلى الجماعة في الحضور ، فحضرت ، وتشاورت بينها (٢) ورأت أنها قد بليت من نجاح ببلية لا تقاوم ، فاتفقت على البعثة إليه بأحمد بن إسرائيل برسالتهم معاتبا على ما قال ومقبحا ما أتى ، فمضى إليه أحمد وأدى الرسالة عن الجماعة ، فقال : يا جعفر (٣) ، وتلومني على ما فعلت ، وقد تركت الكتابة ، وسمحت بمفارقة الصناعة ، وصرت نديما وملهيا ، وهم لا يدعون الطعن على قطائعي ... (٤) ، وأذاني في ضياعي (٥) ، ومعارضتي في سائر أموري ، والله الذي لا إله غيره لا فارقتهم أو أتلفهم أو أتلف.
قال : فانصرف أحمد بن إسرائيل إلى عبيد الله (٦) والجماعة ، فعرفهم الخبر ، فقال عبيد الله : قد صدق في كل ما قال ، فتضمّن له عني كل ما يجب ، واحتل في أن تأخذ رقعته إليّ بالذي جرى منه على جهة الغلط ، ومن حمل النبيذ له على ذلك ، وأنه سيصلح ما أفسد ، ويسعى (٧) في إزالة ما وقع بقلب أمير المؤمنين ، فرجع إليه أحمد وتلطف له ، وتضمن له ولم يبرح حتى أخذ رقعته بذلك ، ثم دخلوا جميعا إلى المتوكل ، فلما وقفوا بين يديه قال لهم ما
__________________
(١) بالأصل : «ووجهه» والمثبت عن «ز» ، وم.
(٢) الأصل : بينهما ، والمثبت عن م ، و «ز».
(٣) كذا بالأصل وم ، و «ز» ، وفي المختصر : يا أبا جعفر.
(٤) كلمة غير واضحة ورسمها : «؟؟؟» في الأصل وم و «ز».
(٥) في الأصل وم : ضياعتي ، والمثبت عن «ز».
(٦) الأصل : عبد الله ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(٧) الأصل ، و «ز» ، وم : «ويسع».