عنوانا للكتاب ، وأن سياق الكلام فيها يوحي بأن المؤلف لم يكن يقصد بها تسمية الكتاب ، سيما وأن مؤلّفي تلك العصور غالبا ما كانوا يضعون عناوين مسجوعة لمؤلفاتهم ويشيرون إلى ذلك في المقدمة.
وعليه فإنه من الأرجح أن يكون عنوان" تاريخ ميورقة" الوارد في النسخة المخطوطة من وضع الناسخ ، وأن هذا العنوان هو الذي عرف به الكتاب وتداوله الناس ، في عصر المقري (أواخر القرن السادس عشر وأوائل السابع عشر الميلاديين) ، وقد أبقيت على العنوان نفسه وبه أقدّم الكتاب للقارئ الكريم وإلى كل مهتم بتراث الفردوس المفقود.
رابعا : الباعث على تأليف الكتاب
ذكر المؤلف في مقدمة الكتاب أن الباعث على تأليفه كان بطلب من أحد إخوانه من أهل جزيرة ميورقة. وكان هذا الرجل الذي لم يذكر ابن عميرة اسمه من أثرياء الجزيرة وأغنيائها وأصحاب الجاه فيها أي كان متربا كما قال المؤلف ، ثم عاد تربا أي فقيرا قليل المال في ديار الغربة بعد سقوط ميورقة في يد النصارى. وكما أهمل المؤلف ذكر اسم هذا المترب ، بخل علينا أيضا بتحديد المدينة أو البلد الذي لجأ إليه وصار فيه تربا.
بعد أن سقطت ميورقة وقواعد وحصون شرق الأندلس الأخرى على يد مملكة أراجون ، هاجر الكثير من أبناء هذه الجهات ممن رفضوا العيش تحت حكم النصارى إلى مدن وحواضر بلاد المغرب وإفريقية. فاستقرت تلك الجماعات الأندلسية اللاجئة في سبتة ورباط الفتح وبجاية وتونس وغيرها من المدن التي زارها ابن عميرة واشتغل في بعضها فسنحت له الفرصة أن يختلط بتلك الجماعات ويخدمها بقلمه وجاهه. لأنّ النكبة التي حلّت بهؤلاء قد أفقدتهم دورهم وأملاكهم وحملتهم على ترك أوطانهم ، مما