بسم الله الرّحمن الرّحيم
التقديم
من المعروف أن المخطوطات الإسلامية ببلاد الغرب الإسلامي قد ابتليت خلال تاريخها الطويل بآفة الضياع ، وذلك بسبب المحن العديدة التي ألمت بها ، فقد أنتج أهل العلم بهذه البلاد عددا ضخما من التآليف المختلفة يصعب حصرها ، إلا أن أغلبها قد ضاع أو صار في حكم المفقود ، ولكن الأمل يبقى قائما في العثور على بعضها سيما في خزائن المخطوطات التي لم تفهرس بعد. ومن المخطوطات التي حفظتها لنا خزانة آل بلّعمش هذا الأثر النفيس والنص الهام الذي أقدّمه للمهتمين بتراث الغرب الإسلامي وهو تاريخ ميورقة لابن عميرة المخزومي.
أولا : مؤلف الكتاب
لم يكن مؤلف هذا الكتاب نكرة في عصره ، ولا رجلا مغمورا طاله النسيان ، بل كان فقيها ذائع الصيت ، أديبا طائر الذكر ، معروفا لدى القاصي والداني. فهو أبو المطرّف أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن عميرة المخزومي (١) ، الذي عاش بين سنتي ٥٨٢ ـ ٦٥٨ ه / ١١٨٦ ـ ١٢٦٠ م ، أي ستة
__________________
(١) ليس الهدف من هذه النبذة بسط القول عن حياة أبي المطرّف ، ولكنني أقتصر على أهم ما لا بد منه ، حسبما جرى به العمل عند جمهور الباحثين والمحققين في التعريف بمؤلف المخطوط. وأحيل القارئ الكريم إلى الدراسة الوافية التي تناول فيها الدكتور محمد بن شريفة حياة ابن عميرة بالتفصيل والمصادر التي اعتمدها في بحثه ، وقد نشرها المركز الجامعي للبحث العلمي بالمغرب سنة ١٩٦٦ م.