وصف ما جرى من الجزيرة التي هاجت الرّوم لغزو الجزيرة
احتاج هذا الوالي إلى الخشب المجلوب من يابسة (١) فأنفذ عنه طريدة بحرية (٢) ، وعمّر صحبتها قطعة حربية ، فخرجت على مرأى من تجار للنصارى كانوا هنالك في قارب ، وربّ مسالم تحت أثوابه ضغن محارب (٣) ، فطاروا إلى طرطوشة (٤) بالخبر ، ووعدوا ظفر الكفر إن نشب فيها بالظفر ، فجهز
__________________
(١) ثالثة جزر البليار من حيث المساحة التي تبلغ ٥٤١ كلم مربع ، طولها ٤٠ كلم وعرضها ٢١ كلم ، تقع إلى الجنوب الغربي من جزيرة ميورقة وتبعد عنها بحوالي ٨٠ كلم وعن ساحل شرق الأندلس بحوالي ٩٦ كلم. وقد أجمعت المصادر الإسلامية على أهمية هذه الجزيرة وشهرة منتجاتها كالفواكه والملح والأخشاب ، وكان لأخشاب الصنوبر شهرة واسعة لأهميتها القصوى في بناء السفن. وفي ذلك يقول الزهري : " وهي جزيرة كثيرة الثمار والزرع ، ومنها يجلب الزبيب واللّوز والتين إلى ميورقة ، وتجلب الملح والخشب إلى بلاد إفريقية ...". ويضيف صاحب الروض المعطار قائلا : " يابسة جزيرة حسنة كثيرة الكروم والأعناب ، أرضها تنبت الصنوبر الجيّد العود لإنشاء السفن وعدد المراكب وبها ملاحة لا ينفذ ملحها". وقد أسهمت يابسة إلى جانب جزر البليار الأخرى بدور كبير في تاريخ البحرية الإسلامية في حوض البحر المتوسط الغربي. استولت عليها قوات خايمي الأول في سنة ٦٣٣ ه. الزهري ، كتاب الجغرافية ، ص ١٢٨. الحميري ، الروض المعطار ، ص ٦١٦. الحموي ، معجم البلدان ، ج ٥ ، ص ٤٢٤.
(٢) الطريدة : مركب صغير سريع يشبه البرميل الهائل ، وهي مفتوحة المواخر بأبواب تفتح وتغلق ، وتستعمل غالبا في حمل الخيول للحرب ، وأكثر ما يحمل فيها أربعون فرسا. وقد ورد ذكرها في القصيدة التي مدح بها ابن أبي حجلة السلطان المريني :
أبا فارس عمّر طرائدك التي |
|
يبيت بها الشيطان وهو طريد |
محمد ياسين الحموي ، تاريخ الأسطول العربي ، ص ٣٣. المنوني محمد ، ورقات عن حضارة المرينيين ، ص ١١١.
(٣) طباق الإيجاب بين" مسالم ومحارب".
(٤) تقع طرطوشة قرب مصب نهر الإبره في البحر المتوسط على مسافة تبلغ حوالي ٢٠٠ كلم إلى الجنوب الشرقي من سرقسطة. جاء عنها في معجم البلدان أنها" مدينة بالأندلس شرقي بلنسية قريبة من البحر متقنة العمارة ، لها ولاية واسعة وبلاد كثيرة ، تحلّها التجار وتسافر منها إلى سائر ـ