المثلثة (١) لها ثلاثا من القطع صغارا ، وقرنوا بها واحدا من الكبار استظهارا ، فخرجت لذلك المقصد ، وجاءت حتى قعدت من طريق الإلفين بالمرصد ، فانفصلا بحاجتهما من يابسة ، وقصدوا ميورقة البائسة ، ومرّا بالعدو الكامن ، ولا علم عند رجالهما من الأمر الكائن (٢) ، فخرجت عليهم القطع الأربع دفعة ، وفاتها غراب (٣) المسلمين سرعة ، فطردت / ٥ / الطريدة حتى اقتنصتها ، وخلصت إليها واستخلصتها.
وجاء الغراب ميورقة خزيان بإسلام الحليلة ، لهفان على منعها بالقوة أو الحيلة ، فعظم على الوالي ما حدث ، وحدّث نفسه بغزو الروم وليته ما حدّث ، ووجّه إلى ملكهم وهو جاقمه بن بطر بن أدفونش (٤) يطلبه بردّ
__________________
ـ الأمصار. واستولى عليها الإفرنج في سنة ٥٤٣ ه. ينسب إليها أحمد بن سعيد الغفاري (ت ٣٢٢ ه) وأبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي الفقيه المالكي الطائر الذكر (ت ٥٢٠ ه) ". الحموي ، معجم البلدان ، ج ٤ ، ص ٣٠.
(١) يريد النصارى.
(٢) جناس ناقص بين" الكامن والكائن".
(٣) يريد القطعة الحربية التي أنفذها الوالي صحبة الطريدة ، وهو سفينة سوداء مقدمتها على شكل رأس الغراب ، وجناحاها بيضاوان ، وهي تسير بالقلع والمجاذيف ، منها ماله ١٨٠ مجذافًا وأقل من ذلك ، وتستخدم لحمل الغزاة ، اشتهرت بالبأس الشديد وإنزال الرّعب في قلوب الأعداء. وجاء في قصيدة ابن أبي حجلة الآنفة الذكر :
وغربانه في البحر فيها جوارح |
|
كأنهم العقبان حين تصيد |
المنوني محمد ، المرجع السابق ، ص ١١٠. النخيلي درويش ، السفن الإسلامية على حروف المعجم ، ص ٣٧.
(٤) هو الملك خايمي الأول ابن بيدر والثاني صاحب مملكة قطلونية وأرغون. قتل والده بيدرو في حربه ضد الكونت سيمون دي مونفور سنة ٦١٠ ه / ١٢١٣ م ، وبقي خايمي رهينة تحت رحمة الكونت المذكور. وتدخل البابا أنوسنت الثالث من أجل إطلاق سراحه في العام الموالي ، ولكن عمه الطموح سانشو قام باعتقاله في حصن مونزون ، واستولى على السلطة سنة ـ