الطريدة ، ويتوعده بالنكايات الشديدة ، والاغترار بزمامه آخذ ، وحكم الله ماض وقضاؤه نافذ.
ثم أطاع الطمع ، وجهّز القطع ، وأرسل منها العاديات سبحا ، لا العاديات ضبحا (١) ، وحاول عين الخسارة وهو يظنها ربحا (٢) ، وهناك حال عن سننه المعروف ، وتعرض لهيج الحروب وهو لا يحسن من علمها تهجي الحروف (٣). فجاءته قطعه بأجفان رومية ، وما صاب سهمها تلك الصّائفة عن رمية ، وممّن حصّلته في قبضة الإسار ، نصراني مشهور بالثروة واليسار ، فاحتفظ به الوالي عند حفيظ ، وطلبه بمال غليظ ، ثم نزل معه إلى عشرة آلاف. وفسح له أن يبعث عنها من يأتي بها من غير إخلاف ، فبعث إلى أهله في الظاهر أن يؤدّوا ويدفعوا ، ولحن (٤) لهم أن يردّوا ويمنعوا ، ففهموا ما أراد
__________________
٦١٤ ه / ١٢١٧ م. وما أن تخلص خايمي الأول من عمه سانشو بعد جهود مضنية ، حتى برز عمه الثاني فرناندو إلى الميدان ، واستولى على السلطة ، وظلت مملكة قطلونية وأرغون تعاني من الحرب الأهلية حتى عام ٦٢٤ ه / ١٢٢٧ م ، حيث تمكن الملك خايمي الأول من توطيد دعائم حكمه في مملكة قطلونية وأرغون بعد استسلام عمه فرناندو وقواته ، وأخذ يتطلع منذ ذلك الحين إلى الاستيلاء على جزر البليار. يوسف أشباخ ، تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين ، ج ٢ ، ص ١٦٥ ـ ١٧٤.
(١) إشارة إلى قوله تعالى وهو يقسم بالخيل إذا أجريت في سبيله : " والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا". سورة العاديات ، من الآية الأولى إلى الخامسة.
(٢) طباق الإيجاب بين" الخسارة والرّبح".
(٣) جناس ناقص بين" الحروب والحروف".
(٤) لحن له يلحن لحنا : قال له قولا يفهمه عنه ويخفى على غيره لأنه يميله بالتورية عن الواضح المفهوم. ولحن الرجل فهو لحن إذا فهم وفطن لما لا يفطن له غيره. قال الشاعر :
وأدّت إليّ القول عنهنّ زولة |
|
تلاحن أو ترنو لقول الملاحن |