خبر الرّوم حين تأهّبوا بالمرسى
المذكور وتهيّأوا من عبره للعبور
لما اصطفت هنالك الكتائب ، واصطافت القطع والمراكب ، وآن أن ينزل الفارس ويركب الرّاكب ، وذلك في آخر شهر رمضان من السّنة (١) ، ورائد الأنواء (٢) يشكّك في الأمنة ، ويقضي بما يكون في المستقبل قضاء الكهنة ، رأى الرّوم الرياح متخالفة ، ورجّة (٣) البحر لسكونه خالفة ، وقالوا شهور القيظ قد انقضت ، ومدّة سكون البحر قد مضت ، وبروق هيجانه قد أو مضت ، ولا يخفى أن الفصل مخيف ، وكيف الإقدام على سفر بحري خفيره الخريف ، وما من مجتهد إلّا وبحظر / ٢٤ / هذا السفر قد أفتى ، وإذا
__________________
(١) شرع نصارى أرغون بقيادة ملكهم خايمي الأول في الإعداد والاستعداد لخوض الحملة الصليبية ضد جزيرة ميورقة ابتداء من شهر جمادى الأولى سنة ٦٢٦ ه / أفريل ١٢٢٩ م. وفي آخر رمضان / أوت من نفس السنة أنهى الصليبيون استعداداتهم على ساحل قطلونية ، فأبحر الأسطول في العاشر من شهر شوال / سبتمبر باتجاه جزيرة ميورقة ، ليشتبك مع قواتها في الثامن عشر من نفس الشهر. عصام سيسالم ، جزر الأندلس المنسية ، ص ٤١٥ وما بعدها.
(٢) الأنواء : جمع نوء ، والنوء هو سقوط نجم في المغرب وطلوع آخر في المشرق ، فالساقطة في المغرب هي الأنواء ، والطالعة في المشرق هي البوارح. وكانت العرب تقول مطرنا بنوء كذا ، أي مطرنا بطلوع نجم وسقوط آخر. جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : من قال سقينا بالنجم فقد آمن بالنجم وكفر بالله ، ومن قال سقانا الله فقد آمن بالله وكفر بالنجم. والأنواء ثمانية وعشرون نجما هي : الشرطان ، والبطين ، والنجم ، والدبران ، والهقعة ، والهنعة ، والذراع ، والنثرة ، والطرف ، والجبهة ، والخراتان ، والصرفة ، والعوّاء ، والسماك ، والغفر ، والزبانى ، والإكليل ، والقلب ، والشولة ، والنعائم ، والبلدة ، وسعد الذابح ، وسعد بلع ، وسعد السعود ، وسعد الأخبية ، وفرغ الدلو المقدم ، وفرغ الدلو المؤخر ، والحوت. لسان العرب ، ج ١ ، ص ١٧٦ ـ ١٧٧.
(٣) الرّجّ : التحريك. وارتجّ البحر وغيره : اضطرب. وفي الحديث : من ركب البحر حين يرتجّ فقد برئت منه الذّمة ، يعني إذا اضطربت أمواجه وتحركّت بشدّة. ورجّة القوم : اختلاط أصواتهم. ورجّة الرّعد : صوته. لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٢٨٢.