خايمي في إعداد العدة ، ويقول المؤلف بهذا الصدد أنه أمر جنوده بإحضار الدروع والترسة والجياد والحراب العظيمة النصل وغيرها من لوازم الحرب وعتادها ، كما أمر أهل سواحل قطلونية بإنشاء السفن اللازمة لذلك. فجمع من الفرسان ألفا وخمس مائة فارس ، ومن المشاة عشرين ألف راجل ، ومن رجال البحرية وعسكر الماء ستة عشر ألفا. وأمر أن تحشد هذه القوات في مرفأ مدينة سالو القريب من طركونة على ساحل قطلونية ابتداء من شهر جمادى الأولى ٦٢٦ ه / ١٢٢٩ م استعدادا للإبحار باتجاه جزر البليار.
هذا ولم تكن هذه الاستعدادات على الجبهة النصرانية في مملكة قطلونية وأرغون بخافية على والي الجزائر الشرقية أبي يحيى التنملي ، فقد كان على علم بذلك ، وقام بدوره بالاستعداد لمواجهة هذا العدوان المرتقب ، وشرع في شهر ربيع الأول سنة ٦٢٦ ه في حشد قواته العسكرية ، فجمع أكثر من ألفي فارس ومن المشاة حوالي ثمانية عشر ألفا. واستدعى أهل البادية وأمرهم بنقل الأطعمة سريعا ، وضبط المراسي بالرجال ، وبث العيون في كل مكان تحسبا لأي طارئ.
٥. تصدع الجبهة الداخلية الميورقية عشية العدوان الصليبي :
بعد هذه الاستعدادات اللازمة للحرب وحشد القوات ودعم الأساطيل التي قام بها الطرفان الإسلامي والمسيحي ، وفي وقت كانت فيه الجبهة الداخلية في ميورقة أشد ما تكون إلى التماسك وتوحيد الكلمة لمواجهة العدو ، فإن العكس هو الذي حصل ، إذ انقسمت هذه الجبهة وسادها الخلاف وظهر طرفان متنازعان متخاصمان يتعلق الأمر بالوالي أبي يحيى التنملي وقومه من جهة وأجناد الأندلس من جهة أخرى. تلك هي صورة الوضع الداخلي في ميورقة عشية العدوان الصليبي عليها كما يقدمه لنا ابن عميرة ويجعله من أهم العوامل وأبرز الأسباب التي عجلت بسقوط الجزيرة.