والنصان يكمل أحدهما الآخر ويتناول كلاهما تقسيم جزيرة ميورقة بعد انتزاعها من حكم المسلمين ، ومن الأرجح أن يكون النص العربي قد كتب قبل اللاتيني وأن الأخير ترجم عنه. وللنص العربي قيمة كبرى في توضيح عمارة ميورقة وقت استيلاء النصارى عليها وما كان فيها من مزارع وأرض وديار عامرة وغير ذلك ، وكذلك الأعلام الجغرافية العربية الواردة في النص التي ما زال الكثير منها باق إلى اليوم. كما وردت في النص ألفاظ ميورقية خاصة مثل الرّحل والحوز والزوج وغيرها (١).
تلك هي رواية ابن عميرة المخزومي التي ساقها عن سقوط جزيرة ميورقة بأسلوب بياني مسجوع ، وحاولت هذه الدراسة شرح وتحليل بعض جوانبها وتفسير الغامض منها قدر الإمكان ، وهي رواية رجل عاصر تلك الكارثة واستقى أحداثها ممن عايشوا أطوارها ورووا تفاصيلها. لذلك فليست الرواية المسيحية بأكثر غنى وثراء من نص ابن عميرة في هذا الباب فضلا عما يشوبها من تحريف وتناقض وتعصب وتحيز مما يجعلها غير جديرة بالثقة والاعتماد.
ثامنا : المخطوط وطريقة التحقيق
ترددت طويلا قبل الإقدام على تحقيق هذا المخطوط ، لأن التحقيق على أصل وحيد تجربة قاسية حافلة بالمصاعب. ولكني ، نظرا لأهمية الكتاب وقيمته التاريخية والأدبية العظيمة وما يضمّه من معلومات لا نجدها في أصل آخر ، مضيت أبحث عن أصول أخرى ، فاتصلت بالقائمين على أقسام
__________________
(١) المرجع نفسه ، ص ٢١٩. وعن النص العربي كاملا انظر الملحق الثاني من كتاب جزر الأندلس المنسية ، مرجع سابق ، ص ٦١٥ وما بعدها.