تتعرض له تلك القوات في الشعاب الجبلية الوعرة. واستمرت المقاومة بعد سقوط مدينة ميورقة أكثر من سنة. ورغم النجاح الذي حققته إلا أنها كانت تفتقر إلى مزيد من الدعم وهو ما لم تتمكن من الحصول عليه سيما بعد قطع النصارى لخط الإمداد الذي كان يتزود عبره الثوار من جزيرة منورقة. وازدادت الأحوال سوءا واشتد الجوع بهؤلاء المقاومين حتى دفعهم إلى أكل جثث قتلى النصارى حسب المؤلف ، وثبت ابن شيري في أغلب الوقائع مع أصحابه إلى أن جاءته الشهادة في آخرها حيث استشهد في ضحى يوم الجمعة عاشر ربيع الثاني من سنة ٦٢٨ ه / ١٢٣١ م ، واختل الأمر بعد وفاته وتفرق أتباعه فمات أغلبهم ، وأما الحصون الثلاثة الأخيرة فقد امتنع أصحابها مدة ثم صالحوا الروم على مغادرة الجزيرة في شهر شعبان من السنة نفسها ، وباستخلاص هذه المعاقل الثلاثة خلصت الجزيرة لأهل التثليث.
وفي مطلع شهر شعبان ٦٢٩ ه / أوائل جويلية ١٢٣٢ م وبعد القضاء النهائي على كل معاقل وحصون المقاومة الإسلامية في جزيرة ميورقة ، أصدر الملك خايمي الأول كتابا بتقسيم أراضي الجزيرة إلى إقطاعات له ولكبار قادة حملته الصليبية. ويتألف هذا الكتاب ، المعروف بالمخطوط اللاتيني العربي حول تقسيم جزيرة ميورقة ، من جزئين : أحدهما باللغة اللاتينية والآخر باللغة العربية. وقد نشر المؤرخ الميورقي الأستاذ خايمي بوسكيتس موليت النص اللاتيني في مجلة جمعية القديس رايموند لوليو للدراسات الأثرية في بالما سنة ١٩٥٣ م ، ونشر النص العربي ضمن مجموعة من الدراسات بمناسبة تكريم الأستاذ ملياس فاليكروسا في برشلونة سنة ١٩٥٤ م ، ثم جمع كلا النصين في كتاب واحد وكتب تعليقا عليهما بالإسبانية (١).
__________________
(١) صحيفة المعهد المصري للدراسات الإسلامية ، مج ٤ ، ص ٢١٨.