وسبعين سنة هجرية (أربعة وسبعين سنة ميلادية). ويعتبر العصر الذي عاش فيه ابن عميرة من أحفل العصور بالأحداث التاريخية في الغرب الإسلامي عامة والأندلس خاصة ، وهي أحداث احتك وتأثر بها وشارك في صنعها.
وقد أجمع مترجموه على تحليته بالنسب المخزومي ومنهم معاصره وابن بلده ابن الأبّار حيث يقول : "وكان بجزيرة شقر بنو عميرة المخزوميون بيت شيخنا القاضي الكاتب أبي المطرف أبقاه الله" (١). وكانت ولادته في شهر رمضان بجزيرة شقر القريبة من شاطبة ، بينها وبين بلنسية ثمانية عشر ميلا شرق الأندلس ، وهي الجزيرة التي تحدث عنها الجغرافيون والمؤرخون الأندلسيون وغيرهم بكل إعجاب لجمال موقعها وسحر طبيعتها.
وأتيحت لابن عميرة الفرصة في هذا العمر الطويل ليصيب من العلم أوفر نصيب سمح به زمانه ، ويمكن التمييز في حياته الدراسية بين ثلاث مراحل : الأولى تتميز بالإقبال على الثقافة الدينية بوجه عام ، والثانية تبرز فيها العناية بالثقافة العلمية العقلية ، والأخيرة يظهر فيها الجنوح نحو الثقافة الأدبية ، وهو ما أجمله ابن عبد الملك في النص التالي : "وكان في بداية طلبه للعلم شديد العناية بشأن الرواية فأكثر من سماع الحديث وأخذه عن مشايخ أهله ، ثم تفنن في العلوم ونظر في المعقولات وأصول الفقه ، ومال إلى الآداب وبرع فيها" (٢).
ومن شيوخه الأندلسيين الذين أخذ عنهم وتتلمذ لهم ، الشيخ أبو الرّبيع سليمان بن موسى الكلاعي (٥٦٥ ـ ٦٢٤ ه) ، وهو من أكبر أساتذته
__________________
(١) ابن الأبّار ، المعجم في أصحاب القاضي الإمام أبي علي الصدفي ، القاهرة : دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ، ١٩٦٧ ، ص ١٦٨.
(٢) ابن عبد الملك المراكشي أبو عبد الله محمد ، الذيل والتكملة ، تحقيق إحسان عباس ، بيروت : دار الثقافة ، ١٩٧٣ ، ج ١ ، ص ١٥٢.