يسبقني إليه الأوّلون ، ولا يأخذه إلا عنّي الآخرون (١) ، ثم رجع وعمل العروض.
وأحدث الخليل أنواعا من الشعر ليست من أوزان العرب. أخبرنا محمد بن يحيى قال : أخبرنا محمد بن الرّياشي قال : حدّثنا أبو عليّ إسماعيل بن أبي محمد اليزيديّ (٢) قال : أخبرني أصحابنا أن للخليل بن أحمد قصيدة على «فعلن فعلن» ثلاث متحركات وساكن ، وأخرى على «فعلن فعلن» بمتحرك وساكن ، فالتي على ثلاثة متحركات قصيدته التي فيها :
سئلوا فأبوا فلقد بخلوا |
|
فلبئس لعمرك ما فعلوا |
أبكيت على طلل طربا |
|
فشجاك وأحزنك الطّلل |
والتي على «فعلن» ساكن العين قوله :
هذا عمرو يستعفي من |
|
زيد عند الفضل القاضي |
فانهوا عمرا إني أخشى |
|
صول الليث العادي الماضي |
ليس المرء الحامي أنفا |
|
مثل المرء الضيم الراضي |
فاستخرج المحدثون من هذين الوزنين وزنا سمّوه : «المخلّع» (٣) وخلطوا فيه بين أجزاء هذا وأجزاء هذا.
ومن بدائعه ما أخبرنا به محمد بن يحيى قال : أنشدني عمر بن عبد الله أبو حفص العثكيّ قال : أنشدني أبو الفضل جعفر بن سليمان بن محمد بن موسى النوفليّ عن الحرمازيّ (٤) : للخليل ثلاثة أبيات على قافية واحدة يستوي لفظها ، ويختلف معناها ، وإنما أراد بهذا أن يبيّن أن تكرار (٥) اللفظ في القوافي ليس بضائر (٦) إذا لم يكن لمعنى واحد ، وأنه ليس بإيطاء (٧) ، والأبيات :
يا ويح قلبي من دواعي الهوى |
|
إذ رحل الجيران عند الغروب! |
__________________
(١) بخط ابن نوبخت : «المتأخرون».
(٢) ذكره القفطي في الإنباه ١ / ٢١٣ وقال : «كان فاضلا كإخوته ، عالما بالعربية ، خبيرا بأخبار الشعراء ؛ ألّف كتاب طبقات الشعراء».
(٣) هو مخلع البسيط ووزنه : مستفعلن فاعلن فعولن» مرتين.
(٤) هو أبو علي الحسن بن علي ؛ أعرابي بدوي راوية ، قدم البصرة ونزلها. منسوب إلى حرماز بن مالك بن عمرو بن تميم ، وكان شاعرا. (الفهرست ٤٨).
(٥) بخط ابن نوبخت : «تكرر اللفظ».
(٦) بخط ابن نوبخت : «ليس بضار».
(٧) الإيطاء : اتفاق قافيتين أو أكثر بمعنى واحد في قصيدة واحدة.