أخبرونا عن أبي حاتم ، قال : قلت للأصمعيّ : نقول : الرّبّة والرّبة : للجماعة من الناس. فلم يتكلم فيه ، لأن في القرآن : (رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)(١) [آل عمران : ١٤٦] ، أي جماعيّون.
أخبرنا جعفر بن محمد ، قال : أخبرنا محمد بن الحسن (٢) الأزديّ قال : أخبرنا أبو حاتم قال : سمعت الأصمعيّ يقول : تسعة أعشار شعر الفرزدق سرقة ؛ وكان يكابر ، وأما جرير فله ثلاثمائة قصيدة ، ما علمته سرق شيئا إلا نصف بيت. قلت : ما هو؟ قال : هو هجاء ، وتحرّج أن يذكره.
فأما ما يحكيه العوامّ وسقّاط الناس من نوادر الأعراب ويقولون : هذا ممّا افتعله الأصمعيّ ، ويحكون : أن رجلا رأى عبد الرحمن (٣) ابن أخيه ، فقال : ما فعل عمّك؟ فقال : قاعد في الشمس يكذب على الأعراب ؛ فهذا باطل ما خلق الله منه شيئا ، ونعوذ بالله من معرّة جهل قائليه ، وسقوط الخائضين فيه. وكيف يقول ذلك عبد الرحمن ، ولو لا عمّه لم يكن شيئا! وكيف يكذّب عمّه وهو لا يروي شيئا إلا عنه! وأنّى يكون الأصمعيّ كما زعموا ولا يفتي إلا فيما أجمع عليه العلماء ، ويقف عمّا يتفرّدون به عنه ، ولا يجوّز (٤) إلا أفصح اللّغات ، ويلجّ في دفع ما سواه!.
أخبرنا جعفر بن محمد قال : أخبرنا عليّ بن سهيل الجنديسابوريّ قال : أخبرنا الزياديّ قال : ورد رجل من خراسان على الأصمعيّ ، فلما أنس به قال له يوما وهو في داره : أين كتبك؟ فأشار إلى شيء في زاوية البيت ، استقلّه الرّجل ، فقال له : ليس إلّا! قال : لا ، وإنّه من حقّ لكثير.
وكان أبو زيد وأبو عبيدة يخالفانه ويناوئانه كما يناوئهما ، فكلّهم كان يطعن على صاحبيه بأنه قليل الرّواية ، ولا يذكره بالتزيّد ، وكان أبو زيد أقلّهم طعنا على غيره. وكان أبو عبيدة يطعن على الأصمعيّ بالبخل وضيق العطن. وكان الأصمعيّ إذا ذكر أبا عبيدة قال : ذاك ابن الحائك.
أخبرنا جعفر بن محمد قال : أخبرونا عن أبي حاتم قال : أملى علينا
__________________
(١) سورة آل عمران ١٤٦ وفي نسخة ابن نوبخت بإسقاط : «كثير».
(٢) في الأصل : «الحسين» ، تصحيف.
(٣) اسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن قريب ، يأتي ذكره وترجمته.
(٤) خ : «يجيز».