الكتاب أن يقول : « ومنهم فرقة قطعت على موسى »؟ وأعجب من هذا قوله « حتّى انتهوا إلى الحسن فادَّعوا له ابنا » وقد كانوا في حياة عليَّ بن محمّد وسموا للامامة ابنه محمّداً إلّا طائفة من أصحاب فارس بن حاتم ، وليس يحسن بالعاقل أن يشنع على خصمة بالباطل الّذي لا أصل له.
والّذي يدلُّ على فساد قول القائلين بامامة محمّد هو بعينه ما وصفناه في باب إسماعيل ابن جعفر لأنّ القصّة واحدة وكلُّ واحد منهما مات قبل أبيه ، ومن المحال أن يستخلف الحيُّ الميّت ويوصي إليه بالامامة ، وهذا أبين فساداً من أن يحتاج في كسره إلى كثرة القول.
والفصل بيننا وبين القائلين بامامة جعفر أنَّ حكاية القائلين بامامته عنه اختلفت وتضادَّت لأنّ منهم ومنّا من حكى عنه أنَّه قال : « إنّي إمام بعد أخي محمّد » ومنهم من حكى عنه أنَّه قال : « إنّي إمام بعد أخي الحسن » ومنهم من قال : إنَّه قال : « إنّي إمام بعد أبي عليّ بن محمّد ».
وهذه أخبار كما ترى يكذِّب بعضها بعضاً ، وخبرنا في أبي محمّد الحسن بن عليٍّ خبر متواتر لا يتناقض وهذا فصل بيّن ، ثمّ ظهر لنا من جعفر ما دلّنا على أنَّه جاهل ، بأحكام الله عزَّ وجلَّ وهو أنَّه جاء يطالب أمَّ أبي محمّد بالميراث وفي حكم آبائه « أنَّ الاخ لا يرث مع الاُم » فإذا كان جعفر لا يحسن هذا المقدار من الفقه حتّى تبيّن فيه نقصه وجهله ، كيف يكون إماماً؟ وإنّما تعبّدنا الله بالظاهر من هذه الامور ولو شئنا أن نقول لقلنا وفيما ذكرناه كفاية ودلالة على أنَّ جعفرا ليس بامام.
وأما قوله : « إنّهم ادّعوا للحسن ولداً » فالقوم لم يدَّعوا ذلك إلّا بعد أن نقل إليهم أسلافهم حاله وغيبته وصورة أمره واختلاف النّاس فيه عند حدوث ما يحدث ، وهذه كتبهم فمن شاء أن ينظر فيها فلينظر.
وأما قوله : « أنَّ كلّ هذه الفرق يتشاحّون (١) ويكفّر بعضهم بعضاً » فقد صدق
__________________
(١) أي يتنازعون. وتشاح القوم أو الخصمان في الجدل : أراد كلّ أن يكون هو الغالب.