في حكايته وحال المسلمين في تكفير بعضهم بعضاً هذه الحال ، فليقل كيف أحبَّ ، وليطعن كيف شاء ، فإنَّ البراهمة تتعلّق به فتطعن بمثله في الاسلام من سأل خصمه عن مسألة يريد بها نقض مذهبه إذا ردَّت عليه كان فيها من نقض مذهبه مثل الّذي قدر أن يلزمه خصمه ، فإنّما هو رجل يسأل نفسه وينقض قوله ، وهذه قصّة صاحب الكتاب ، والنبوَّة أصلٌ والامامة فرع فإذا أقرَّ صاحب الكتاب بالاصل لم يحسن به أن يطعن في الفرع بما رجع على الأصل والله المستعان.
ثمَّ قال : ولو جازت الامامة بالوراثة والوصيّة لمن يدعى له بلا دليل متفق عليه لكانت المغيرية أحق بها للاجماع الكل معها على إمامة الحسن بن عليّ الّذي هو أصلها المستحق للامامة من أبيه بالوراثة والوصيّة وامتناعها بعد اجماع الكل معها على إمامة الحسن من إجازتها لغيره.
هذا مع اختلاف المؤتمّة في دينهم ، منهم من يقول بالجسم ، ومنهم من يقول بالتناسخ. ومنهم من تجرّد التوحيد ومنهم من يقول بالعدل ويثبت الوعيد ، ومنهم من يقول بالقدر ويبطل الوعيد. ومنهم من يقول بالرُّؤية ، ومنهم من ينفيها مع القول بالبداء ، وأشياء يطول الكتاب بشرحها ، يكفّر بها بعضهم بعضاً ويتبرّأ بعضهم من دين بعض ولكلِّ فرقة من هذه الفرق بزعمها رجال ثقات عند أنفسهم ، أدُّوا إليهم عن أئمّتهم ما هم متمسّكون به.
ثمَّ قال صاحب الكتاب : وإذا جاز كذا جاز كذا ، شيء لا يجوز عندنا ولم نأت بأكثر من الحكاية ، فلا معنى لتطويل الكتاب بذكر ما ليس فيه حجّة ولا فائدة.
فأقول ـ وبالله الثّقة لو كان الحقُّ لا يثبت إلّا بدليل متّفق عليه ما صحَّ حقٌّ أبداً ولكان أوّل مذهب يبطل مذهب الزّيديّة لأنّ دليلها ليس بمتّفق عليه ، وأمّا ما حكاه عن المغيريّة فهو شئ أخذته عن اليهود لأنّها تحتجُّ أبداً باجماعنا وإيّاهم على نبوَّة موسى عليهالسلام ومخالفتهم إيّانا في نبوَّة محمّد صلىاللهعليهوآله .
وأما تعييره إيّانا بالاختلاف في المذاهب وبأنّه كلُّ فرقة منّا تروي ما تديّن به عن أمامها ، فهو مأخوذ من البراهمة لأنّها تطعن به ـ بعينه دون غيره ـ على الاسلام