وأما قوله : « وهذا من أدلّ دليل على عدمه لأنّه لو كان موجوداً لم يسعه ترك البيان لشيعته كما قال الله عزَّ وجلَّ : « وما أنزلنا عليك الكتاب إلّا لتبيّن لهم الّذي اختلفوا فيه » فيقال لصاحب الكتاب : أخبرنا عن العترة الهادية يسعهم أن لا يبيّنوا للامّة الحقّ كلّه؟ فإن قال : نعم حجّ نفسه وعاد كلامه وبالا عليه لأنّ الاُمّة قد اختلفت وتباينت وكفّر بعضها بعضاً ، فإنَّ قال : لا ، قيل : هذا من أدلّ دليل على عدم العترة وفساد ما تدَّعيه الزّيديّة لأنّ العترة لو كانوا كما تصف الزّيديّة لبيّنوا للامة ولم يسعهم السكوت والامساك ، كما قال الله عزَّ وجلَّ : « وما أنزلنا عليك الكتاب إلّا لتبيّن لهم الّذي اختلفوا فيه » فإن ادَّعى أنَّ العترة قد بيّنوا الحقّ للاُمّة غير أنَّ الاُمّة لم تقبل ومالت إلى الهوى ، قيل له : هذا بعينه قول الاماميّة في الامام وشيعته. ونسأل الله التوفيق.
ثم قال صاحب الكتاب : ويقال لهم ( لم ) استتر إمامكم عن مستر شده؟ فإنَّ قالوا : تقية على نفسه ، قيل لهم : فالمسترشد أيضاً يجوز له أن يكون في تقيّة من طلبه لاسيّما إذا كان المسترشد يخاف ويرجو ولا يعلم ما يكون قبل كونه فهو في تقية ، وإذا جازت التقيّة للامام فهي للمأموم أجوز ، وما بال الامام في تقيّة من أرشادهم وليس هو في تقيّة من تناول أموالهم والله يقول : « اتبعوا من لا يسئلكم أجرا ـ الآية » (١) وقال : أنَّ كثيراً من الاحبار والرهبان ليأكلون أموال النّاس بالباطل ويصدون عن سبيل الله » (٢) فهذا ممّا يدلُّ على أنَّ أهل الباطل عرض الدُّنيا يطلبون ، والّذين يتمسّكون بالكتاب لا يسألون النّاس أجراً وهم مهتدون. ثمّ قال : وإن قالوا كذا قيل كذا فشيء لا يقوله إلّا جاهل منقوص.
والجواب عمّا سأل : أنَّ الامام لم يستتر عن مسترشده إنّما استتر خوفاً على نفسه من الظالمين. فأمّا قوله : « فإذا جازت التقيّة للامام فهي للمأموم أجوز » فيقال له : إن كنت تريد أنَّ المأموم يجوز له أن يتقي من الظالم ويهرب عنه متى خاف على نفسه
__________________
(١) يس : ٢١.
(٢) التوبة : ٣٤.