كما جاز للامام فهذا لعمري جائز ، وإن كنت تريد أنَّ المأموم يجوز له أن لا يعتقد إمامة الامام للتقية فذلك لا يجوز إذا قرعت الأخبار سمعه وقطعت عذره ، لأنّ الخبر الصحيح يقوم مقام العيان وليس على القلوب تقيّة ، ولا يعلم ما فيها إلّا الله.
وأما قوله : « وما بال الامام في تقيّة من إرشادهم وليس في تقيّة من تناول أموالهم والله يقول : « اتّبعوا من لا يسئلكم أجراً » فالجواب عن ذلك إلى آخر الفصل يقال له : أنَّ الامام ليس في تقيّة من إرشاد من يريد الارشاد وكيف يكون في تقيّة وقد بيّن لهم الحقّ وحثّهم عليه ، ودعاهم إليه ، وعلّمهم الحلال والحرام حتّى شهروا بذلك وعرفوا به ، وليس يتناول أموالهم وإنّما يسألهم الخمس الّذي فرضه الله عزَّ وجلَّ ليضعه حيث أمر أن يضعه ، والّذي جاء بالخمس هو الرَّسول وقد نطق القرآن بذلك قال الله عزَّ وجلَّ : « واعلموا أنّما غنمتم من شيء فإنَّ لله خمسه ـ الآية » (١) وقال : « خذ من أموالهم صدقة ـ الآية » (٢) فإنَّ كان في أخذ المال عيب أو طعن فهو على من ابتدأ به. والله المستعان.
ويقال لصاحب الكتاب : أخبرنا عن الامام منكم إذا خرج وغلب هل يأخذ الخمس وهل يجبى الخراج (٣) وهل يأخذ الحقَّ من الفيء والمغنم والمعادن وما أشبه ذلك؟ فإنَّ قال : لا فقد خالف حكم الاسلام وإن قال : نعم ، قيل له : فإنَّ احتج عليه رجل مثلك بقول الله عزَّ وجلَّ : « اتبعوا من لا يسئلكم أجرا » وبقوله : « إن. كثيراً من الاحبار والرهبان ـ الآية » بأي شيء تجيبه حتّى تجيبك الاماميّة بمثله ، وهذا وفقكم الله شيء كان الملحدون يطعنون به على المسلمين وما أدري من دلّسه لهؤلاء. واعلم ـ علمّك الله الخير وجعلك من أهله ـ إنّما يعمل بالكتاب والسنّة ولا يخالفهما ، فإنَّ أمكن خصومنا أن يدلّونا على أنَّه خالف في أخذ ما أخذ الكتاب والسنّة فلعمري أنَّ الحجّة واضحة لهم ، وإن لم يمكنهم ذلك فليعلموا أنَّه ليس في العمل
__________________
(١) الانفال : ٤١.
(٢) التوبة : ١٠٣.
(٣) من الجباية وهي أخذ الخراج أو الزكاة وجمعها.