بما يوافق الكتاب والسنّة عيب ، وهذا بيّن.
ثم قال صاحب الكتاب : ويقال لهم : نحن لا نجيز الامامة لمن لا يعرف فهل توجدونا سبيلاً إلى معرفة صاحبكم الّذي تدّعون حتّى نجيز له الامامة كما نجوِّز للموجودين من سائر العترة وإلّا فلا سبيل إلى تجويز الامامة للمعدومين ، وكلُّ من لم يكن موجوداً فهو معدوم ، وقد بطل تجويز الامامة لمن تدّعون.
فأقول ـ وبالله أستعين ـ : يقال لصاحب الكتاب : هل تشكُّ في وجود عليّ بن ـ الحسين وولدهعليهمالسلام الّذين نأتمُّ بهم؟ فإذا قال : لا ، قيل له : فهل يجوز أن يكونوا أئمة؟ فإنَّ قال : نعم ، قيل له : فأنت لا تدري لعلّنا على صواب في اعتقاد إمامتهم وأنت على خطأ وكفى بهذا حجّة عليك ، وإن قال : لا ، قيل له : فما ينفع من إقامة الدّليل على وجود إمامنا؟ وأنت لا تعترف بامامة مثل عليّ بن الحسين عليهماالسلام مع محله من العلم والفضل عند المخالف والموافق ، ثمّ يقال له : إنّا إنّما علمنا أنَّ في العترة من يعلم التأويل ويعرف الأحكام بخبر النبيّ صلىاللهعليهوآله الّذي قدّمناه ، وبحاجتنا إلى من يعرِّفنا المراد من القرآن ومن يفصل بين أحكام الله وأحكام الشيطان ، ثمّ علمنا أنَّ الحق في هذه الطائفة من ولد الحسين عليهمالسلام لمّا رأينا كلّ من خالفهم من العترة يعتمد في الحكم والتأويل على ما يعتمد عليه علماء العامّة من الرأي والاجتهاد والقياس في الفرائض السمعيّة الّتي لا علّة في التعبّد بها إلّا المصلحة فعلمنا بذلك أنَّ المخالفين لهم مبطلون. ثمّ ظهر لنا من علم هذه الطائفة بالحلال والحرام والاحكام ما لم يظهر من غيرهم ، ثمّ ما زالت الأخبار ترد بنصِّ واحد على آخر حتّى بلغ الحسن بن عليّ عليهماالسلام فلمّا مات ولم يظهر النصُّ والخلف بعده رجعنا إلى الكتب الّتي كان أسلافنا رووها قبل الغيبة فوجدنا فيها ما يدلُّ على أمر الخلف من بعد الحسن عليهالسلام وإنّه يغيب عن النّاس ويخفى شخصه ، وأن الشيعة تختلف وأن النّاس يقعون في حيرة من أمره ، فعلمنا أنَّ أسلافنا لم يعلموا الغيب وأنَّ الائمّة أعلموهم ذلك بخبر الرَّسول ، فصحَّ عندنا من هذا الوجه بهذه الدلالة كونه ووجوده وغيبته ، فإنَّ كان ههنا حجّة تدفع ما قلناه فلتظهرها الزّيديّة ، فما بيننا وبين الحقِّ معاندة ، والشكر لله.