ذلك قوله عزَّ وجلَّ : « أفمن كان على بيّنة من ربّه ويتلوه شاهدٌ منه ـ الآية » (١) والّذي على بيّنة من ربّه محمّد صلىاللهعليهوآله ، والشاهد الذي يتلوه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهالسلام. دلالته قوله عزَّ وجلَّ : « ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة » والكلمة ـ من كتاب موسى المحاذية لهذا المعنى حذوا النعل بالنعل والقذَّة بالقذَّة ـ قوله : » وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتمَّ ميقات ربّه أربعين ليلة وقال موسى لاخيه هرون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتّبع سبيل المفسدين » (٢).
واستعبد الله عزَّ وجلَّ الملائكة بالسجود لآدم تعظيماً له لما غيّبه عن أبصارهم وذلك أنَّه عزَّ وجلَّ إنّما أمرهم بالسجود لآدم لما أودع صلبه من أرواح حجج الله تعالى ذكره فكان ذلك السجود لله عزَّ وجلَّ عبوديّة ولآدم طاعة ، ولمّا في صلبه تعظيماً ، فأبى إبليس أن يسجد لآدم حسداً له إذ جعل صلبه مستودع أرواح حجج الله دون صلبه فكفر بحسده وتأبّيه ، وفسق عن أمر ربّه ، وطرد عن جواره ، ولُعن وسمّي رجيما لاجل إنكاره للغيبة لأنّه احتج في امتناعه من السجود لآدم بأن قال : « أنا خيرٌ منه خلقتني من نار وخلقته من طين » (٣) فجحد ما غيّب عن بصره ولم يوقع التصديق به ، واحتجَّ بالظاهر الذي شاهده وهو جسد آدم عليهالسلام ، وأنكر أن يكون يعلم لما في صلبه وجوداً ، ولم يؤمن بأن آدم إنّما جعل قبلة للملائكة وأمروا بالسجود له لتعظيم ما في صلبه ، فمثل من آمن بالقائم عليهالسلام في غيبته مثل الملائكة الذين أطاعوا الله عزَّ وجلَّ في السجود لآدم ، ومثل من أنكر القائم عليهالسلام في غيبته مثل إبليس في امتناعه من السجود لآدم ، كذلك روي عن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام.
حدّثنا بذلك محمّد بن موسى بن المتوكل رضياللهعنه قال : حدّثنا محمّد بن ـ أبى عبد الله الكوفيِّ ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكيِّ ، عن جعفر بن عبد الله الكوفي ، عن
__________________
(١) هود : ١٧.
(٢) الاعراف : ١٤٢.
(٣) الاعراف : ١٢.