حدَّثنا محمّد بن إسحاق البصريُّ قال : أخبرنا عليُّ بن حرب قال : حدّثني أحمد بن عثمان ابن حكيم قال : حدّثنا عمرو بن بكر (١) ، عن أحمد بن القاسم ، عن محمّد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس قال : لمّا ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة وذلك بعد مولد النبيّ صلىاللهعليهوآله بسنتين أتاه وفد العرب وأشرافها وشعراؤها بالتّهنئة وتمدحه وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثار قومه فأتاه وفدٌ من قريش ومعهم عبد المطلّب بن هاشم واُميّة بن عبد شمس وعبد الله بن جذعان وأسد بن خويلد بن عبد العزّى ووهب ابن عبد مناف في اُناس من وجوه قريش فقدموا عليه صنعاء فاستأذنوا فإذا هو في رأس قصر يقال له : غمدان ، وهو الّذي يقول فيه اميّة بن أبي الصّلت :
اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفعاً |
|
في رأس غُمدان داراً منك محلالا |
فدخل عليه الآذن فأخبره بمكانهم ، فأذن لهم فلمّا دخلوا عليه دنا عبد المطلّب منه فاستأذنه في الكلام فقال له : إن كنت ممّن يتكلّم بين يدي الملوك فقد أذنّا لك ، قال : فقال عبد المطلّب : إنَّ الله قد أحلّك أيّها الملك محلاً رفيعاً صعباً منيعاً شامخاً باذخاً وأنبتك منبتاً طابت أرومته ، وعذبت جرثومته (٢) وثبت أصله وبسق فرعه (٣) في أكرم موطن وأطيب [ موضع وأحسن ] معدن ، وأنت أبيت اللّعن (٤) ملك العرب وربيعها الّذي تُخصب به. وأنت أيّها الملك رأس العرب الّذي له تنقاد ، وعمودها الّذي عليه العماد ومعقلها الّذي يلجأ إليه العباد ، سلفك خير سلف ، وأنت لنا منهم خير خلف ، فلن
__________________
٣١٩ ، وأما راويه فلم أجده فيما عندي من كتب التراجم. وبوفك قرية من قرى نيسابور. وفي بعض النسخ « محمّد بن عليّ بن حاتم البرمكي » وفي بعضها « النوفلي » ثمّ اعلم أنَّ أكبر رجال السندين مجاهيل أو ضعفاء.
(١) متروك كما في تقريب التهذيب. وفي بعض النسخ « بكير » وهو تصحيف.
(٢) الباذخ : الشامخ. والارومة : الاصل. والجرثومة بمعناها.
(٣) الباسق : المرتفع ، وبسق النخل : طال.
(٤) قال الجوهرى : قولهم في تحية الملوك في الجاهلية : « أبيت اللعن » قال ابن السكيت : أي أبيت أن تأتي من الامور ما تلعن عليه.