يخمل من أنت سلفه ، ولن يهلك من أنت خلفه ، نحن أيّها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته أشخصنا إليك الّذي أبهجنا من كشف الكرب الّذي فدحنا (١) فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة (٢).
قال : وأيّهم أنت أيّها المتكلّم؟ قال : أنا عبد المطلّب بن هاشم ، قال : ابن اختنا؟ قال : نعم ، قال : ادن ، فدنا منه ، ثمّ أقبل على القوم وعليه فقال : مرحباً وأهلاً ، وناقة ورحلاً ، ومستناخاً سهلاً ، وملكاً وربحلاً (٣) ، قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل : وسيلتكم ، فأنتم أهل اللّيل وأهل النّهار ، ولكم الكرامة ما أقمتم ، والحباء إذا ظعنتم (٤) قال : ثمّ انهضوا إلى دار الضيافة والوفود فأقاموا شهراً لا يصلون إليه ولا يأذن لهم بالانصراف ، ثمّ انتبه لهم انتباهة (٥) فأرسل إلى عبدا المطلّب فأدنى مجلسه وأخلاه ، ثمّ قال له : يا عبد المطلّب إنّي مفوض إليك (٦) من سرِّ علمي أمراً ما لو كان غيرك لم أبح له به ولكنّي رأيتك معدنه فاطلعك طلعة (٧) فليكن عندك مطويّاً حتّى يأذن الله فيه فإنَّ الله بالغ أمره ، إنّي أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الّذي اخترناه لانفسنا واحتجنّا دون غيرنا خبراً عظيماً وخطراً جسيماً ، فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة ، للنّاس عامّة ، ولرهطك كافة
__________________
(١) البهج : السرور. و « فدحنا » أي أثقلنا وبهظنا.
(٢) المرزئة : المصيبة العظيمة.
(٣) في أكثر النسخ وكنز الفوائد للكراجكي بدون الواو. لكن في البحار « وربحلا » وقال في بيانه في النهاية : الربحل ـ بكسر الراء وفتح الباء الموحدة ـ : الكثير العطاء. وفي بعض النسخ « ونجلا » والنجل : النسل.
(٤) قوله : و « أنتم أهل الليل والنهار » أي نصحبكم ونأنس بكم فيهما. والحباء العطاء. والظعن : الارتحال.
(٥) أي ذكرهم مفاجأة.
(٦) في بعض النسخ « إنّي مفض اليك » وهو الاصوب.
(٧) في بعض النسخ « فأطلعك عليه ».