قبض النبيِّ إلى خروج النبيِّ الاخر ، وليس بعد سام إلّا هود ، فكان ما بين نوح وهود من الأنبياء مستخفين ومستعلنين ، وقال نوح : أنَّ الله تبارك وتعالى باعث نبيّاً يقال له : هود وإنّه يدعو قومه إلى الله عزَّ وجلَّ فيكذِّبونه ، وإن الله عزَّ وجلَّ مهلكهم بالرِّيح فمن أدركه منكم فليؤمن به وليتبعه فإنَّ الله تبارك وتعالى ينجيه من عذاب الرِّيح وأمر نوح ابنه سام أن يتعاهد هذه الوصيّة عند رأس كلّ سنة ، ويكون يوم عيد لهم فيتعاهدون فيه بعث هود وزمانه الّذي يخرج فيه ، فلمّا بعث الله تبارك وتعالى هوداً نظروا فيما عندهم من العلم والايمان وميراث العلم والاسم الاكبر وآثار علم النبوَّة فوجدوا هودا نبيّاً وقد بشّرهم به أبوهم نوح فآمنوا به وصدَّقوه واتّبعوه فنجوا من عذاب الرِّيح ، وهو قول الله عزَّ وجلَّ : « وإلى عاد أخاهم هوداً » (١) وقوله « كذّبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود إلّا تتّقون » (٢) وقال عزَّ وجلَّ : « ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب » (٣) وقوله : « ووهبنا له إسحق ويعقوب كلّا هدينا [ لنجعلها في أهل بيته ] ونوحاً هدينا من قبل » (٤) لنجعلها في أهل بيته ، فآمن العقب من ذرّيّة الأنبياء من كان من قبل إبراهيم لابراهيم عليهالسلام ، وكان بين هود وإبراهيم من الأنبياء عشرة أنبياء وهو قوله عزَّ وجلَّ : « وما قوم لوط منكم ببعيد » (٥) وقوله : « فآمن له لوط وقال إنّي مهاجر إلى ربي [ » (٦) وقول إبراهيم « إنّي ذاهب إلى ربي ) سيهدين » (٧) وقوله جلَّ وعزَّ : « وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم » (٨) فجرى بين كلّ نبيٍّ ونبيٍّ عشرة آباء وتسعة آباء وثمانية آباء كلهم أنبياء ، وجرى لكلّ نبيٍّ ما جري لنوح وكما جري لآدم وهود وصالح وشعيب وإبراهيم عليهالسلام حتّى انتهى إلى يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهالسلام ، ثمّ صارت بعد يوسف في الاسباط إخوته حتّى انتهت إلى موسى بن عمران وكان بين يوسف وموسى عليهماالسلام عشرة من الأنبياء فأرسل الله عزَّ وجلَّ موسى وهارون
__________________
(١) الاعراف : ٦٥.
(٢) الشعراء : ١٢٣.
(٣) البقرة : ١٢٧.
(٤) الانعام : ٨٤.
(٥) هود : ٨٩.
(٦) العنكبوت : ٢٦.
(٧) الصافات : ٩٨.
(٨) العنكبوت : ١٦.