الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، فقال عليهالسلام : يا أبا القاسم : ما منّا إلّا وهو قائم بأمر الله عزَّ وجلَّ ، وهاد إلى دين الله ، ولكنَّ القائم الّذي يطهر الله عزَّ وجلَّ به الأرض من أهل الكفر والجحود ، ويملأها عدلاً وقسطاً هو الّذي تخفى علي النّاس (١) ولادته ، ويغيب عنهم شخصه ، ويحرم عليهم تسميته ، وهو سُمّي رسول الله صلىاللهعليهوآله وكنيه ، وهو الّذي تطوي له الأرض ، ويذلُّ له كلُّ صعب [ و ] يجتمع إليه من أصحابه عدَّة أهل بدر : ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، من أقاصي الأرض ، وذلك قول الله عزَّ وجلَّ : « أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً إنَّ الله على كلّ شيء قدير (٢) » فإذا اجتمعت له هذه العدَّة من أهل الاخلاص أظهر الله أمره ، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عزَّ وجلَّ ، فلا يزال يقتل أعداء الله حتّى يرضى الله عزَّ وجلَّ.
قال عبد العظيم : فقلت له : يا سيّدي وكيف يعلم أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد رضي؟ قال : يلقي في قلبه الرَّحمة ، فإذا دخل المدينة أخرج اللّات والعزَّى فأحرقهما.
٣ ـ حدّثنا عبد الواحد بن محمّد العبدوس العطّار رضياللهعنه قال : حدّثنا عليُّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوريّ قال : حدّثنا حمدان بن سليمان قال : حدّثنا الصقر ابن أبي دلف قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن عليٍّ الرِّضا عليهماالسلام يقول : إنَّ الامام بعدي إبني عليٌّ ، أمره أمري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والامام بعده ابنه الحسن ، أمره أمر أبيه ، وقوله قول أبيه ، وطاعته طاعة أبيه ، ثمَّ سكت. فقلت له : يا ابن رسول ـ الله فمن الامام بعد الحسن؟ فبكي عليهالسلام بكاء شديداً ، ثمَّ قال : أنَّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحقِّ المنتظر. فقلت له : يا ابن رسول الله لم سمّي القائم؟ قال : لأنّه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته. فقلت له : ولم سمي المنتظر؟ قال؟ لأنَّ له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزيء بذكره الجاحدون ، ويكذب فيها الوقّاتون ، ويهلك فيها المستعجلون ، وينجو فيها المسلّمون.
__________________
(١) في بعض النسخ « عن النّاس »
(٢) البقرة : ١٤٨