الحكمة (١) حسب الامكان والتدبير لاهل الايمان ، وإذا كان ذلك كذلك فليقل ذو والنظر والتمييز : إنَّ الامر الان ـ وإن كان الحال كما وصفت ـ أصعب والمحنة أشدُّ ممّا تقدَّم من أزمنة الائمّة السالفة عليهمالسلام وذلك أنَّ الائمّة الماضية أسرُّوا في جميع مقاماتهم إلى شيعتهم والقائلين بولايتهم والمائلين من النّاس إليهم حتّى تظاهر ذلك بين أعدائهم أنَّ صاحب السّيف هو الثاني عشر من الائمّة عليهمالسلام وأنّه عليهالسلام لا يقوم حتّى تجييء صيحة من السماء باسمه واسم أبيه والانفس منيتة (٢) على نشر ما سمعت وإذاعة ما أحسّت فكان ذلك منتشراً بين شيعة آل محمّد صلىاللهعليهوآله وعند مخالفيهم من الطواغيت وغيرهم وعرفوا منزلة أئمّتهم من الصّدق ومحلهم من العلم والفضل ، وكانوا يتوقفون عن التسرُّع إلى إتلافهم ويتحامون القصد لانزال المكروه بهم مع ما يلزم من حال التدبير في إيجاب ظهورهم كذلك ليصل كلّ امرء منهم إلى ما يستحقه من هداية أو ضلالة كما قال الله تعالى : « من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً » (٣) وقال الله عزَّ وجلَّ : « وليزيدنَّ كثيراً منهم ما انزل إليك من ربّك طغياناً وكفراً فلا تأس على القوم الكافرين » (٤) وهذا الزَّمان قد استوفى أهله كل إشارة من نصٍّ وآثار فتناهت بهم الاخبار واتصلت بهم الاثار إلى أنَّ صاحب هذا الزَّمان عليهالسلام هو صاحب السّيف والأنفس منيتة (٢) على ما وصفنا من نشر ما سمعت وذكر ما رأت وشاهدت ، فلو كان صاحب هذا الزَّمان عليهالسلام ظاهراً موجوداً لنشر شيعته ذلك ولتعدّاهم إلى مخالفيهم بحسن ظنٍّ بعضهم بمن يدخل فيهم ويظهر الميل إليهم وفي أوقات الجدال بالدّلالة على شخصه والاشارة إلى مكانه كفعل هشام بن الحكم مع الشاميِّ وقد ناظره بحضرة الصادق عليهالسلام
__________________
(١) كذا ، يعنى في ميزان الحكمة.
(٢) في بعض النسخ « مبنية » والمنيتة أي المائلة كما في بعض اللغات. وفي بعض النسخ « منبعثة ».
(٣) الكهف : ١٧.
(٤) المائدة : ٦٨.