إبراهيم ومحمّد ابني الفرج ، عن محمّد بن إبراهيم بن مهزيار أنَّه ورد العراق شاكّاً مرتاداً ، فخرج إليه « قل للمهزياريُّ قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بنا حيتكم فقل لهم : أما سمعتم الله عزَّ وجلَّ يقول : « يا أيّها الّذين آمنوا أطيعو الله وأطيعوا الرَّسول وأولي الامر منكم » هل أمر إلّا بما هو كائن إلى يوم القيامة ، أو لم تروا أنَّ الله عزَّ وجلَّ جعل لكم معاقل تأوون إليها وأعلاما تهتدون بها من لدن آدم عليهالسلام إلى أن ظهر الماضي [ أبو محمّد ] صلوات الله عليه ، كلّما غاب علم بدا علم ، وإذا أفل نجم طلع نجم ، فلمّا قبضه الله إليه ظننتم أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد قطع السبب بينه وبين خلقه كلاً ما كان ذلك ولا يكون حتّى تقوم الساعة (١) ويظهر أمر الله عزَّ وجلَّ وهم كارهون.
يا محمّد بن إبراهيم لا يدخلك الشكُّ فيما قدمت له فإنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يخلّي الأرض من حجّة ، أليس قال لك أبوك قبل وفاته : أحضر الساعة من يعيّر هذه الدنانير الّتي عندي : فلمّا اُبطيء ذلك عليه وخاف الشيخ على نفسه الوحا (٢) قال لك : عيّرها على نفسك وأخرج إليك كيساً كبيراً وعندك بالحضرة ثلاثة أكياس وصرَّة فيها دنانير مختلفة النقد فعيّرتها وختم الشيخ بخاتمة وقال لك : اختم مع خاتمي ، فإن أعش فأنا أحقُّ بها ، وإن أمت فاتق الله في نفسك وأوّلا ثمّ فيَّ ، فخلّصني وكن عند ظنّي بك. أخرج رحمك الله الدَّنانير الّتي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا وهي بضعة عشر ديناراً واسترد من قبلك فإنَّ الزَّمان أصعب ممّا كان ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ».
قال محمّد بن إبراهيم : وقدمت العسكر زائراً فقصدت الناحية فلقيتني امرأة وقالت : أنت محمّد بن إبراهيم؟ فقلت : نعم ، فقالت لي : انصرف فانّك لا تصل في هذا الوقت وارجع الليلة فإنَّ الباب مفتوح لك فادخل الدّار واقصد البيت الّذي فيه السراج ، ففعلت وقصدت الباب فإذا هو مفتوح فدخلت الدّار وقصدت البيت الّذي وصفته فبينا أنا بين القبرين أنتحب وأبكي إذ سمعت صوتا وهو يقول : يا محمّد اتق الله وتب من كلِّ ما أنت عليه (٣) فقد قلدت أمراً عظيماً.
__________________
(١) في بعض النسخ « إلى أن تقوم الساعة ».
(٢) الوحا : السرعة والبدار ، والمعنى أنَّه خاف على نفسه سرعة الموت.
(٣) يعني من الوكالة وقد تقدَّم أنَّه من وكلاء الناحية.