أراكم سكوتاً وإنَّ آفة الموعظة الاعراض عنها.
ويلك يا مالك إنّك هالك ، إنَّ الحقَّ إذا قام وقع القائم معه وجعل الصرعى قياماً فإياّك أن تكون منهم ، أما إذا سبقتموني بأمركم فقرِّبوا بعيري أركبه ، فدعا براحلته فركبها فتبعوه بنوه وبنو أخيه ، فقال : لهفى على أمر لن ادركه ولم يسبقني.
وكتبت طيء إلى أكثم فكانوا أخواله ، وقال آخرون : كتبت بنو مرَّة وهم أخواله أن أحدث إلينا ما نعيش به فكتب :
أمّا بعد : فإني اُوصيكم بتقوى الله وصلة الرَّحم فإنّها تثبت أصلها وتنبت فرعها وأنهاكم عن معصية الله وقطيعة الرَّحم فإنّها لا يثبت لها أصل ولا ينبت لها فرع واياكم ونكاح الحمقاء فإنَّ مباضعتها قذر ، وولدها ضياع ، وعليكم بالابل فأكرموها فانّها حصون العرب ولا تضعوا رقابها إلّا في حقّها فإنَّ فيها مهر الكريمة ورقوء الدَّم (١) وبألبانها يتحف الكبير ، ويغذى الصغير ، ولو كلّفت الابل الطحن لطحنت ، ولن يهلك امرءٌ عرف قدره ، والعدم عدم العقل (٢) والمرء الصالح لا يعدم [ من ] المال ، ورب رجل خير من مائة ، ورب فئة أحب إلي من قبيلتين (٣) ومن عتب على الزَّمان طالت معتبته ، ومن رضي بالقسم طابت معيشته ، آفة الرَّأي الهوى ، والعادة أملك بالأدب ، والحاجة مع المحبّة خير من الغنى مع البغضة ، والدُّنيا دُوَل فما كان لك منها أتاك على ضعفك وإن قصرت في طلبه ، وما كان منها عليك لم تدفعه بقوَّتك ، وسوء حمل الفاقة (٤) تضع الشرف ، والحسد داء ليس له دواء ، والشماتة تَعقِب ، و
__________________
(١) رقأ الدم : جف وسكن ، والرقوء ـ كصبور ـ : ما يوضع على الدم ليرقئه والمعنى أنّها تعطى في الديات فتحقن بها الدماء.
(٢) العدم ـ بالضم وبضمتين وبالتحريك الفقدان وغلب على فقدان المال.
(٣) في بعض النسخ « من فئتين ».
(٤) في بعض النسخ « الريبة ».