أعداؤهم من أهل الكتاب والمجوس والزَّنادقة والدَّهريّة في كونها. ولبست هذه مسألة تشتبه على مثلك مع ما أعرفه من حسن تأمّلك.
وأما قولهم (١) إذا ظهر فكيف يعلم أنَّه محمّد بن الحسن بن عليٍّ عليهمالسلام؟.
فالجواب في ذلك أنَّه قد يجوز بنقل من تجب بنقله الحجّة من أوليائه كما صحت إمامته عندنا بنقلهم.
وجواب آخر وهو أنَّه قد يجوز أن يظهر معجزاً يدلُّ على ذلك. وهذا الجواب الثّاني هو الّذي نعتمد عليه ونجيب الخصوم به وإن كان الأوّل صحيحاً.
وأمّا قول المعتزلة : فكيف لم يحتجَّ عليهم عليُّ بن أبي طالب بإقامة المعجز يوم الشورى؟ فإنا نقول : أنَّ الأنبياء والحجج عليهمالسلام إنّما يظهرون من الدلالات والبراهين حسب ما يأمرهم الله عزَّ وجلَّ به ممّا يعلم الله أنَّه صالح للخلق فإذا ثبتت الحجّة عليهم بقول النبيِّ صلىاللهعليهوآله فيه ونصّه عليه فقد استغني بذلك عن إقامة المعجزات اللّهم إلّا أن يقول قائل : أنَّ إقامة المعجزات كانت أصلح في ذلك الوقت ، فنقول له : وما الدّليل على صحّة ذلك؟ وما ينكر الخصم من أن تكون إقامته لها ليس بأصلح وأن يكون الله عزَّ وجلَّ لو أظهر معجزاً على يديه في ذلك الوقت لكفروا أكثر من كفرهم ذلك الوقت ولادَّعوا عليه السحر والمخرقة وإذا كان هذا جائزاً لم يعلم أنَّ إقامة المعجز كانت أصلح.
فإن قالت المعتزلة : فبأيّ شيء تعلمون أنَّ إقامة (٢) من تدعون إمامته المعجز على أنَّه ابن الحسن بن عليّ عليهماالسلام إصلح؟ قلنا لهم : لسنا نعلم أنَّه لابدّ من إقامة المعجز في تلك الحال وإنّما نجوز ذلك ، اللّهمّ إلّا أن يكون لا دلالة غير المعجز فيكون لابدّ منه لاثبات الحجّة وإذا كان لابدّ منه كان واجباً وما كان واجباً كان صلاحاً لا فساداً ، وقد علمنا أنَّ الأنبياء عليهمالسلام قد أقاموا المعجزات في وقت دون وقت ولم يقيموها في كلِّ يوم ووقت ولحظة وطرفة وعند كلّ محتجٍّ عليهم ممّن أراد الاسلام ، بل في
__________________
(١) أي قول المعتزلة.
(٢) في بعض النسخ « أن أقام ».