ومن الدّليل على أنَّ الحسن بن علي عليهماالسلام قد نصَّ ثبات إمامته ، وصحّة النصّ من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وفساد الاختيار ، ونقل الشيع عمّن قد أوجبوا بالادلّة تصديقه أنَّ الامام لا يمضي أو ينصّ على إمام كما فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ كان النّاس محتاجين في كلّ عصر إلى من يكون خبره لا يختلف ولا يتكاذب كما اختلفت أخبار الاُمّة عند مخالفينا هؤلاء وتكاذبت وأن يكون إذا أمر ائتمر بطاعته ولا يد فوق يده ولا يسهو ولا يغلط وأن يكون عالماً ليعلم النّاس ما جهلوا ، وعادلاً ليحكم بالحق ، ومن هذا حكمه فلابدّ من أن ينصَّ عليه علّام الغيوب على لسان من يؤدِّي ذلك عنه إذ كان ليس في ظاهر خلقته ما يدلُّ على عصمته.
فإن قالت المعتزلة : هذه دعاوي تحتاجون إلى أن تدلّوا على صحّتها ، قلنا : أجل لابدّ من الدلائل على صحّة ما ادعيناه من ذلك وأنتم ، فإنما سألتم عن فرع والفرع لا يدلُّ عليه دون أن يدلَّ على صحّة أصله ، ودلائلنا في كتبنا موجودة على صحّة هذه الاصول ونظير ذلك أنَّ سائلا لو سألنا الدّليل على صحّة الشرايع لاحتجنا أن ندل على صحّة الخبر وعلى صحّة نبوَّة النبيّ صلىاللهعليهوآله وعلى أنَّه أمر بها ، وقبل ذلك أنَّ الله عزَّ وجلَّ واحدٌ حكيمٌ ، وذلك بعد فراغنا من الدّليل على أنَّ العالم محدث ، وهذا نظير ما سألونا عنه ، وقد تأمّلت في هذه المسألة فوجدت غرضها ركيكاً وهو أنّهم قالوا : لو كان الحسن بن عليُّ عليهماالسلام قد نصَّ على من تدَّعون إمامته لسقطت الغيبة.
والجواب في ذلك أنَّ الغيبة ليست هي العدم فقد يغيب الانسان إلى بلد يكون معروفاً فيه ومشاهداً لأهله ، ويكون غائباً عن بلد آخر ، وكذلك قد يكون الانسان غائباً عن قوم دون قوم ، وعن أعدائه لا عن أوليائه فيقال : إنَّه غائب وإنّه مستتر ، وإنّما قيل غائب لغيبته عن أعدائه وعمّن لا يوثق بكتمانه من أوليائه وإنّه ليس مثل آبائه عليهمالسلام ظاهراً للخاصّة والعامّة وأولياؤه مع هذا ينقلون وجوده وأمره ونهيه وهم عندنا ممّن تجب بنقلهم الحجّة إذا كانوا يقطعون العذر لكثرتهم واختلافهم في هممهم ووقوع الاضطرار مع خبرهم ، ونقلوا ذلك كما نقلوا إمامة آبائه عليهمالسلام وإن خالفهم مخالفوهم فيها وكما تجب بنقل المسلمين صحّة آيات النبيّ صلىاللهعليهوآله سوى القرآن وإن خالفهم