|
إلى أممهم ، وكان لكلِّ نبي منهم مذكر عنه ووصيٌّ يؤدِّي ما استحفظه من علومه ووصاياه ، فلمّا ختم الله عزَّ وجلَّ الرُّسل بمحمد صلىاللهعليهوآله لم يجز أن يخلو الأرض من وصي هاد مذكّر يقوم بأمره ويؤدِّي عنه ما استودعه ، حافظاً لمّا ائتمنه عليه من دين الله عزَّ وجلَّ فجعل الله عزَّ وجلَّ ذلك سبباً لامامة منسوقة منظومة متّصلة ما اتّصل أمر الله عزَّ وجلَّ لأنّه لا يجوز أن تندرس آثار الأنبياء والرسل وأعلام محمّد صلىاللهعليهوآله وملته وشرائعه وفرائضه وسننه وأحكامه أو تنسخ أو تعفى (١) عليها آثار رسول آخر وشرائعه إذ لا رسول بعده صلىاللهعليهوآله ولا نبيُّ. والامام ليس برسول ولا نبيٍّ ولا داع إلى شريعة ولا ملّة غير شريعة محمّد صلىاللهعليهوآله وملّته ، فلا يجوز أن يكون بين الامام والامام الّذي بعده فترة ، فالفترات جائزة بين الرُّسل عليهمالسلام وفي الامامة غير جائزة ، فلذلك وجب أنَّه لابدّ من إمام محجوج به. ولا بدَّ أيضاً أن يكون بين الرَّسول والرَّسول ـ وإن كان بينهما فترة ـ إمامٌ وصيٌّ يلزم الخلق حجّته ويؤدِّي عن الرُّسل ما جاؤوا به عن الله تعالى ، وينبّه عباده على ما أغفلوا ، ويبيّن لهم ما جهلوا ، ليعلموا أنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يتركهم سدّى ولم يضرب عنهم الذّكر صفحاً ، ولم يدعهم من دينهم في شبهة ، ولا من فرائضه الّتي وظفّها عليهم في حيرة ، والنبوَّة والرِّسالة سنّة من الله جلَّ جلاله ، والامامة فريضة ، والسنن تنقطع ويجوز تركها في حالات ، والفرائض لا تزول ولا تنقطع بعد محمّد صلىاللهعليهوآله ، وأجل الفرائض وأعظمها خطراً الامامة الّتي تؤدَّى بها الفرائض والسنن ، وبها كمل الدِّين وتمت النعمة ، فالائمة من آل محمّد صلىاللهعليهوآله لأنّه لا نبيَّ بعده ، ليحملوا العباد على محجّة دينهم ، ويلزموهم سبيل نجاتهم ويجنّبوهم موارد هلكتهم ، ويبيّنوا لهم من فرائض الله عزَّ وجلَّ ما شذَّ عن أفهامهم ويهدوهم بكتاب الله عزَّ وجلَّ إلى مراشد ، امورهم ، فيكون |
__________________
(١) كذا في جميع النسخ ولعله « تقفي عليها ».