يا إلهى؟ إذا كنت قدرت أن تثور علىّ المملكة فابعث إلىّ بالموت قبل تلك الثورة ولا ترض مضايقة العباد. وكانوا يربطون كل ليلة على بابه أسدا حتى لا يدخل أحد داره خشية منه ، فنسوا ليلة ربط ذلك الأسد ، فدخل جماعة من الغلمان كانوا ينوون قتله وقتلوه فى الثالث من جمادى الآخرة سنة ثلاثمائة (٩١٢ م) ببخارى.
وكان الپتكين من جملة غلمانه ، ولكنه لم يكن قد اشتهر بعد ، فتولى نصر بن أحمد ابن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان الملك بعد أبيه. فقتل جميع الغلمان الذين كانوا قد قتلوا أباه قصاصا منهم ، واجتهد فى العدل والإنصاف ، وعمل كثيرا من الخيرات ، وبعد مدة ذهب لمشاهدة هراة ، فحسنت فى عينه فنزل بها ، واشتاق أمراؤه إلى المرأة والولد ، ولم يكن الأمير نصر ينوى الرحيل إلى بخارى أو يسمح للأمراء بالذهاب إلى بيوتهم أو إحضار نسائهم وأطفالهم ، فضاق الأمراء ذرعا وكان يخشى أن يخرجوا على الأمير ، وكلما توسلوا بالأمراء المقربين لم تكن هناك فائدة ، حتى أغدقوا على الرّودكى (١) وأنشد هذه الأبيات فى وصف حسن بخارى وتشويق الأمير نصر للسفر إليها :
١ ـ نسيم جوى موليان (٢) يسرى |
|
وعطر الحبيب العطوف ينفح |
٢ ـ ورمال نهر آمو مع خشونتها |
|
تغدو حريرا تحت قدمى |
٣ ـ ويفيض ماء جيجون طربا بوجه الحبيب |
|
فيبلغ حقوى جوادنا |
__________________
(١) أبو عبد الله جعفر بن محمد الرودكى وأصله من رودك إحدى قرى سمرقند وكان إلى شاعريته حسن الصوت يعزف على البربط وهو أول شاعر بلغ الشعر الفارسى كما له على يديه ويسمونه أبا الشعر الفارسى وكان شاعر الأمير نصر بن أحمد السامانى وصاحب الحظوة فى بلاطه وأثرى من صلاته ، توفى بين سنتى ٣٢٩ ، ٣٣٠ ه. (٩٤٠ ـ ٩٤١ م).
(٢) محلة نزهة فى بخارى كثيرة الأمواه والبساتين والقصور (انظر النرشخى ـ تاريخ بخارى ص ٤٧ ذكر جوى موليان وصفتها).