مر العصور وبنوا العمائر واختاروا من بينهم واحدا اسمه «أبروى» نصبوه أميرا عليهم. ولم تكن قامت بعد هذه المدينة ، بل كانت هنالك بعض الرساتيق من جملتها «نور» و «خرقان رود» و «وردانة» و «تراوجه» و «سفنه» و «إيسوانه».
وكانت القرية الكبيرة التى يقيم فيها الأمير هى «بيكند» والمدينة «قلعة دبوسى» (١) وكانت تسمى المدينة. وبعد مدة كبر «أبروى» وسلك طريق الظلم فى هذه الولاية ، فلم يستطع الناس الصبر طويلا وفر الدهاقين والأغنياء منها إلى التركستان ، حيث بنوا شبه مدينة سموها «حموكت» (٢) ، لأن فلاحا (دهقانا) عظيما اسمه «حموك» كان رئيس تلك الطائفة التى ذهبت إلى هنالك.
و «حموك» فى اللغة البخارية معناها جوهر ، و «كت» معناها المدينة ، أى «مدينة حموك». وفى اللغة البخارية يقال للشخص العظيم «حموك» (٣). ثم أرسل الناس الذين بقوا فى بخارى رسولا إلى عظمائهم طالبين النجدة من جور «أبروى» ، فتوجه هؤلاء العظماء والفلاحون إلى ملك الترك وكان اسمه «قراجورين ترك» ويلقبونه «بياغو» لعظمته ، وقد استنجدوا به ، فأرسل «بياغو» ابنه «شير كشور» (٤) مع جيش عظيم ، فلما وصل إلى بخارى قبض على «أبروى» فى «بيكند» وقيده ، ثم أمر فملأوا جوالا بالزنابير (٥) وأدخلوا فيه «أبروى» حتى مات. وقد أعجب «شير كشور» بهذه الولاية فأرسل إلى أبيه كتابا يطلبها منه مستأذنا فى البقاء ببخارى ، فجاء الرد (من بياغو) : «قد منحتك تلك الولاية» ، وأوفد «شير كشور» رسولا إلى حموكت لإعادة هؤلاء الذين هربوا من بخارى مع نسائهم وأطفالهم ، ثم صدر مرسوم باعتبار كل عائد من «حموكت» من جملة الخواص ، لأن كل من كان
__________________
(١) اسم حصن فيما وراء النهر بين بخارى وسمرقند واسم الشخص الذى بنى هذا الحصن دبوس.
Desm. V, I. p : ٧٦٨
(٢) فى نسخة مدرس رضوى طبع طهران : «بتركستان وطراز شهرى بنا كردند وآن شهر را حموكت نام كردند» أى : وبنوا بتركستان وطراز مدينة وسموا تلك المدينة حموكت.
(٣) فى نسخة مدرس رضوى : «يعنى كوهريست فلان» أى فلان جوهر.
(٤) «شير كشور» معناها أسد البلاد.
(٥) «كبت سرخ» ص ٦ نسخة مدرس رضوى.